منذ الوهلة الأولى التي بدأ فيها الإنسان البناء، ورث منها مهارة الهندسة المعمارية. الهندسة المعمارية هي مهارة تحتاج إلى إتقان، حيث يُمكن تدريسها، ولكن فقط العقول التي تتمتع بموهبة الإبداع هي التي يُمكنها إتقانها حقًا. إنها وظيفة واحدة حيث يجب أن يكون الفرد مهندسًا وفنانًا في نفس الوقت، والأهم من ذلك كله، أن يكون واقعيًا.
لقد دخلنا حقبة جديدة حيث يُمكن للمهندسين المعماريين إنشاء تصاميم جديدة ومُبتَكَرة، واستكشاف آفاق جديدة من خلال تصاميمهم المُبتكرَة وإبداعاتهم، وأقرب مثال لهذه التصميمات هو كازينو حقيقي على أرض الواقع يتم إنشاؤه بأعلى جودة باستخدام أحدث التقنيات.
وستجد أن واحدة من أفضل هذه العجائب المعمارية هي مشروع الإبداع الهندسي الذي يحلّق ويحيط ببرج خليفة في دبي. هذا البناء يهدف إلى تطوير المفهوم المعماري المُستدام والمكتفي ذاتيًا، وخلق بناء حضاري ذات جودة عالية جدًا يعود بالنفع على البيئة.
تصميم مُستدام للمستقبل
تتكون بصمة المبنى من تصميمين دائريين أساسيين، ويتم تثبيتهما ببعض عن طريق حزام طويل ذات لون أخضر، أو ما يُطلَق عليه “Skypark”. هذا الحزام ينبعث منه ضوء طبيعي ويحتوي بداخله على مكاتب للعمل وأقسام لإجراء أبحاث تم بناؤها بداخله. يُشكل “Skypark” العمود الفقري المركزي للتطوير ويربط الأرضيات ببعضها البعض بشكل عمودي، مما يساعد في تكوين نظام طبيعي أخضر ثلاثي الأبعاد تتصل أجزاؤه ببعضها.
يبلغ ارتفاع هذا البناء 550 مترا ويبلغ قطره 3 كم. وبما أنه يحلّق حول برج خليفة، لذلك فهو يتمتع برؤية بانورامية بالإضافة إلى الهواء المُنعِش من skypark التي تُعتَبَر بمثابة الأساس المركزي لهذا البناء. تنقسم المساحة الكبيرة للمبنى إلى وحدات صغيرة وذلك لكي تُساهم في تشييد مجموعة أخرى من المباني للمساهمة في الخدمات الثقافية والاجتماعية والتجارية. كما يوفّر المشروع مجموعة من المباني المختلفة بدايةً من المكاتب ووحدات العمل، حتى الغرف والمنازل المستقلة.
السعي وراء أفُق دائم التغير
السبب الذي جعلهم يفكرون في برج خليفة بشكل خاص هو أنه يقع في منطقة حضرية مليئة بالسكان للغاية، وبالطبع أن أي حكومة تريد معالجة القضايا التي تتعلق بكثافة السكان في المدينة.
وأيضًا في دبي، غالبًا ما تتجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية، لذلك أراد المهندسون المعماريون أن يضعوا لتصميماتهم معيارًا جديدًا للاستدامة في المنطقة. لذلك أرادوا خلق مناخ محلي في وسط المدينة وإنشاء نوع من الحماية حول المنطقة للتحكم في درجة الحرارة وجعلها أكثر ملاءمة للعيش في طقس شديد الحرارة مثل هذا. كما يستخدم هذا المبنى الطاقة الشمسية لتحويل الماء إلى هيدروجين يمكنه بعد ذلك تشغيل تكييف الهواء وتوفير الطاقة للمبنى.
وقد تم وضع التصميم ليتماشى مع الخطة الرئيسية المتفائلة لدبي من أجل بناء بيئة حضرية مستدامة بحلول عام 2040.
أخيرًا وليس آخرًا
سيبحث هذا البناء الإبداعي في كيفية انتقال المهندسين المعماريين والمخططين الحضريين في هذه الحالة من تنمية البلاد بعيدًا عن البناءات الحضارية التي تُشبه المباني المرتفعة المعزولة، نحو تصميم أكثر تقدُّم وتطوُّر يستمد قوته من الطبيعة وإنشاء مباني ضخمة متنوعة للمساهمة في خلق واقع أفضل.