تتسارع الأحداث الدولية مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن عرضه المقدم لأوكرانيا ليس نهائياً، وأن الحرب يجب أن تنتهي بطريقة أو بأخرى، وسط حالة من الجدل الحاد في أوروبا وأوكرانيا. وبحسب ما نقلته الشرق للأخبار وضمن تغطيتها عبر صفحة آخر الأخبار، فإن خطة السلام الأميركية أثارت نقاشاً واسعاً بين العواصم الأوروبية والأطراف الفاعلة في الملف الأوكراني، لما تحمله من تنازلات كبيرة تعتبرها كييف “غير مقبولة”.
بداية الجدل: عرض غير نهائي
أكد ترمب في تصريحاته أن إدارته تعمل على إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وأن خطته ليست “العرض النهائي” لأوكرانيا، مما فتح الباب أمام تكهنات حول إمكانية تعديل البنود المثيرة للجدل. وتشمل الخطة المقترحة تنازل كييف عن أراضٍ استولت عليها روسيا، والقبول بتقليص قواتها المسلحة بشكل كبير، إلى جانب إجراء انتخابات خلال 100 يوم والتخلي عن حلم الانضمام إلى “الناتو”.
هذا الطرح، رغم وصفه بمحاولة لإنهاء القتال، أثار رفضاً أوروبياً واسعاً، خصوصاً أن بنوداً كثيرة منه تصب في مصلحة موسكو بشكل مباشر.
أوروبا تبحث الرد المشترك
على هامش قمة مجموعة العشرين، عقد قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا وعدة دول غربية اجتماعات مكثفة لصياغة موقف موحد من الخطة الأميركية. وأكد القادة أن مسودة الخطة “تشكل أساساً يتطلب عملاً إضافياً”، في إشارة إلى رغبتهم بتحسين شروطها لصالح كييف.
أبرز تحفظات أوروبا:
- رفض تغيير حدود أوكرانيا بالقوة.
- القلق من سقف القوات الأوكرانية المقترح.
- التحفظ على تخلي كييف عن الانضمام إلى الناتو.
- التخوف من رفع العقوبات عن روسيا دون ضمانات كافية.
كما اتفق المستشارون الأمنيون في الترويكا الأوروبية على عقد اجتماع في جنيف مع مسؤولين من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأوكرانيا لمناقشة تفاصيل إضافية ومحاولة صياغة رد أكثر توازناً.
معارضة داخل مجلس الشيوخ الأميركي
لم يقتصر الرفض على العواصم الأوروبية، بل امتد إلى مجلس الشيوخ الأميركي، حيث أصدر عدد من الأعضاء بياناً عبّروا فيه عن قلق بالغ من خطة ترمب، معتبرين أنها تمنح تنازلات كبيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وحذروا من أن أي اتفاق لا يعتمد على “القوة” في مواجهة موسكو لن يكون قابلاً للتنفيذ، مشيرين إلى أن “بوتين لا يفهم إلا لغة القوة”، وأن تقديم تنازلات متتالية لن يحقق سلاماً دائماً.
حماس تتهم إسرائيل بخرق خطوط الانسحاب في غزة
في موازاة التوتر الأوروبي – الأميركي حول الملف الأوكراني، برز ملف آخر لا يقل حساسية، حيث اتهمت حركة “حماس” الجيش الإسرائيلي بتغيير خطوط الانسحاب المتفق عليها وفق خرائط وقف إطلاق النار في غزة، وتحديداً “الخط الأصفر”. ودعت الحركة الوسطاء إلى التدخل العاجل، محذرة من محاولات “تقويض المسار المتفق عليه”.
وتؤكد “حماس” أن الخروقات الإسرائيلية أدت إلى نزوح جماعي ومقتل مئات الفلسطينيين رغم مرور أسابيع على وقف إطلاق النار. كما سجلت منظمات دولية، بينها يونيسف وأطباء بلا حدود، استمرار سقوط ضحايا من المدنيين، بمن فيهم الأطفال.
تصعيد أمني في أوروبا: إسقاط مسيّرات مجهولة
وفي تطور أمني لافت، أعلنت وزارة الدفاع الهولندية أن قواتها الجوية أطلقت النار على طائرات مسيّرة مجهولة حلقت فوق قاعدة جوية قرب الحدود الألمانية. ورغم عدم معرفة أسباب التحليق، فتح تحقيق عاجل لمعرفة الجهات المسؤولة خصوصاً مع تصاعد القلق الأوروبي من الهجمات السيبرانية والمسيّرات.
أوروبا ترفض “فرض شروط روسية”
أعرب القادة الأوروبيون في اجتماعهم بجوهانسبرج عن قلقهم العميق من الطلب الأميركي الذي يلزم كييف بالقبول بالخطة قبل الخميس، معتبرين أن “أي تسوية يجب أن تحترم السيادة الأوكرانية”.
تصريح رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك كان الأكثر وضوحاً، حين قال إن “روسيا لا يمكن أن تفرض شروطها على أوكرانيا أو أوروبا”، مؤكداً أن أي التزامات تخص بولندا يجب الاتفاق عليها مع حكومتها أولاً.
محادثات أميركية – أوكرانية في سويسرا
كييف بدورها بدأت مشاورات في سويسرا مع مسؤولين أميركيين لتحديد معايير اتفاق سلام مستقبلي. ورغم نبرة القلق، أوضحت الرئاسة الأوكرانية أن البلاد “لن تكون عقبة أمام السلام”، لكنها ستدافع عن مصالح الشعب الأوكراني وأمن القارة.
وفي مقابل ذلك، لمحت روسيا إلى إمكانية عقد لقاء جديد بين بوتين وترمب، معتبرة أن الإدارة الأميركية الحالية “تتفهّم الأسباب الجذرية للصراع”.
في الختام
تظهر التطورات المتلاحقة أن الخطة الأميركية ليست نهاية الطريق، بل بداية جولة جديدة من المشاورات الدولية المعقدة. وبين رفض أوروبا، وتردد كييف، ومرونة ترمب في تعديل المهل الزمنية، يبدو أن العالم يتجه نحو مرحلة جديدة من إعادة تشكيل موازين القوة، وسط سباق دبلوماسي محموم لإنهاء الحرب من دون خسائر سياسية غير قابلة للتعويض.




