اقترح الكاتب الصحفي محمود فايد، المتخصص في الشئون البرلمانية، عقد جلسات مجلس النواب عبر “الفيديو كونفرانس” كوسيلة تكنولوجية إلكترونية متطورة، وأسوة بمجلس الوزراء الذي عقد اجتماعه الأسبوعي الأخير عبر هذه التقنية، في إطار خطة الدولة ومؤسساتها لمواجهة انتشار فيروس كورونا القاتل.
وكانت الجلسات العامة للبرلمان، قد تم تأجيلها حتي الآن لـ12 إبريل المقبل، بسبب ما تمر به البلاد من أوضاع الآن فى متعلقة بمواجهة انتشار فيروس كورونا، ومن ثم يمثل ذلك الاستثتاء الذي نص عليه الدستور ولائحة المجلس في عقد الجلسات وفق هذه القوة القهرية، وبالتالي الاستثناء موجود، والذي تم النص عليه فى المادة 144 من الدستور، حيث أن مقر مجلس النواب مدينة القاهرة ويجوز له فى الظروف الاستثنائية عقد جلساته فى مكان آخر، بناءً على طلب رئيس الجمهورية، أو ثلث عدد أعضاء المجلس.
وقال “فايد” في اقتراحه، بعنوان “البرلمان.. وجلسات الفيديو كونفراس”، الآتي:-
بجلسة الرابع عشر من شهر يناير من العام الجاري 2020، بمجلس النواب، والتي شهدت مناقشة أول استجواب بدورته الحالية، والذي قدم من قبل النائب المجتهد محمد الحسيني، تجاه وزيرة الصحة،د.هالة زايد، بشأن مستشفي بولاق الدكرور، هو سقط فى النهاية لائحيًا، ولكنه نجح بطبيعة الحال علي أرض الواقع، فى توفير إعتمادات مالية كثيرة لصالح المستشفي، وهو أمر فى حد ذاته خطوة إيجابية.
الصورة الإلكترونية والاستجواب
إبان المناقشة وقف النائب كمال أحمد، متحدثًا عن ضعف الاستجواب، والأسباب التى اعتمد عليها رئيس المجلس د. علي عبد العال، فى طرحه للمناقشة من الأساس، وأنه بحكم خبرته حضر عشرات الاستجوابات التى كانت لها أسباب ومبررات أقوى مما يعتمد عليه فى هذا الاستجواب المُعتمد علي صور ومقاطع إلكترونية، تبرز الإهمال والتراخي بالمستشفي.
تعقيب
تعقيب رئيس المجلس علي اعتراض النائب كمال أحمد هو المعني بالنسبة لي خاصة بعد تجربة مجلس الوزراء في عقد إجتماعه الأسبوعي عبر الفيديو كونفرانس، وهو فى نظري إطار إلكتروني ورقمي، وتحول محمود، فى ظل هذه الأزمة، حيث قال د. علي عبد العال نصا، موجها حديثه للنائب كمال أحمد:” زمان مكنشي في آليات لعرض الصور…. بعد التطور التكنولوجي الوضع اختلف… ويستطيع أي نائب أن يعرض صور للأوضاع لتكون موضوع استجواب بشأن التقصير الحكومي”.
مدخل التفعيل التكنولوجي
حديث رئيس المجلس والذي يثبت بطبيعة الحال بمضابط الجلسة، يمكن العودة له بسهولة وفق الإجراءات المنصوص عليها، من الممكن أن يكون مدخل جديد لتفعيل التكنولوجيا بشكل أوسع وأكبر فى العمل البرلماني والنيابي، وخاصة آلية العمل النيابي عن بعد، فى عقد الجلسات التى هي فى الأساس ساحة للتجمعات، وبكل تأكيد تداعياتها فى ظل الكورونا أو غيرها سلبية كبيرة، وأدرك وأنا أكتب هذه الكلمات ما ينص عليه الدستور، ولائحة المجلس فى عملية عقد الجلسات العامة له.
البنية التحتية التكنولوجية للفيديو كونفرانس
لا أتصور أن البنية التحتية التكنولوجية لمجلس النواب الحالي، مؤهلة لهذه الخطوة، وأن كان قد أصابها جزء كبير من التطوير والنهوض خلال الفترة الأخيرة، حيث أننا نجد العديد من العمليات الإلكترونية التى تتم علي مستوي تقديم الإقتراحات والتعديلات والأدوات الرقابية، بشكل إلكتروني، لكل نائب من خلال التابلت المسلم لهم مع انطلاق الفصل التشريعي، ولكن إيماني فى أنها خطوة ضرورية وهامة بأن تواكب السلطة التشريعية فى مصر، سبل التحول الرقمي، والتى تطالب بها الحكومة بشكل مستمر بكافة المستويات، ومن باب أولي أن يكون لها دور فيها.
الكورونا والعمل البرلماني
الكورونا كشفت الحاجة للعمل البرلماني عن بعد، بدليل ما تم من تأجيل للجلسات، الأولي حتي 29مارس 2020، والثانية حتي 12 إبريل 2020، وهنا لا ننسي أن البرلمان وأمانته العامة، تقدم نموذج فى التعامل مع هذه الأزمة، هدفها الأساسي صحة الجميع، ولا ننكر أن الأجندة التشريعية للبرلمان والرقابية أيضا لا تتحمل مثل هذه التأجيلات خاصة أن المجلس ينهي مدته وفى حاجة لإنجاز العديد من التشريعات الهامة للدولة وللمواطن، ولكن كون الأزمة تستهدف الصحة والسلامة العامة، فكانت مثل هذه التأجيلات، ولكن إن كانت وضعية العمل البرلماني عن بعد، مفعلة كان الوضع بطبيعة الحال قد إختلف مثل ما حدث من الحكومة التى تمارس مهامها بكل جودة، وبكل تأكيد استمرار عمل البرلمان تشريعيا ورقابيا له ضرورة مهمة.
لائحة ودستور
أدرك نصوص الدستور ولائحة البرلمان، بأن انعقاد الجلسات لها ضوابط، وضروري أن يكون بالعاصمة القاهرة مع بعض الاستثناءات، ولكن من وجهة نظري أدرك أهمية العمل البرلماني عند بعد بشكل إلكتروني، وخاصة فى مثل هذه الأزمات والكوارث التى كشفت أهمية وجود البرلمان بجانب الحكومة، ومن ثم الدولة تعمل علي أنشاء أكبر مقر لمجلس النواب، ومجلس الشيوخ، فى العاصمة الإدارية، ومتضمن جهود معمارية وهندسية كبيرة بحيث من المنتظر أن يكون لكل نائب مكتب مجهز،وأيضا قاعة رئيسة للجلسات العامة واللجان النوعية المتعددة، وغيرها من المعالم الكثيرة والهامة.
الفرصة السانحة
الفرصة هنا سانحة فى أن تكون لدينا بنية تحتية تكنولوجية مؤهلة فى أن يقوم مجلس النواب والشيوخ، بعقد جلساته العامة، ولجانه النوعية، من خلال الفيديو كونفرانس، فى حالة مثل هذه الأزمات أو الحاجة لذلك متي تطلب الأمر، سواء من دوائرهم أو مكاتبهم المنتظر أن تكون بمقر المجلس، وأتصور أنها تكون فرصة أيضا لنواب الصعيد والمحافظات الحدودية حيث الاستفادة منها بدلا من قطع مسافات كبيرة من أجل الوصول للقاهرة.
الغرابة والأعراف البرلمانية
بكل تأكيد قد يري البعض أن هذا التصور به نوع من الغرابة، ولا يتماشي مع الأعراف البرلمانية، ولكني أري أن العصر التكنولوجي الذي نمر به، ليس هو العصر الذي تأصلت فيه هذه الأعراف البرلماينة، ودعونا نخرج من هذه العباءة لعباءة أكثر تكنولوجية وإلكترونية، خاصة أن جميع المقومات موجوده، والإرادة أيضا فى ظل هذه المرحلة تحسم كل شيئ فى التنفيذ.
دعونا نبدأ والإرادة تحسم كل شيئ
دعونا نؤمن بهذه الخطوة وأهميتها، والنتائج الإيجابية علي العمل البرلماني من وجه نظري، خاصة التحول الرقمي ولو بشكل تدريجي،ولدينا فرصة كبيرة فى أن مباني المجالس النيابية فى طور البناء حتي الآن ومن السهل تطبيق أي رؤية من شأنها تحقيق نتائج إيجابية… أما فيما يتعلق بالدستور واللائحة فمن السهل أن يتم النظر لهم بعد الإيمان بهذه الخطوة والسعي فى تنفيذها.