بنت الشيخ .. كانت حياتي الطفولية طبيعية تميل إلى الهدوء، ومع ذلك كان بها بعض مغامرات الطفولية، استمتعت دون أي أذي لكن مع بدايات مرحلة المراهقة تغيرت تغير كبير، غير أني أصبحت مكتملة الأنوثة، أصبح لدي طاقة وولع بالحياة، أصبحت عنيدة بعض الأحيان، لدي تطلعات كثيرة، أبحث عن نفسي، عن كينونتي، لدي كثير من الأصدقاء مختلفين عني.. لكني أحب اختلافهم، أؤمن بأننا خُلقنا مختلفين، لكني لم أؤمن يوما بأن هناك مسلمات، كنت أبحث في تفاصيل الحياة، أجادل أبي، تساؤلات كثيرة تدور بداخلي بدون إجابات واضحة مرضية لي، إلى وجدت جانب غريب مختلف في تعامل المجتمع معي، أصبحت ملقبة بـ سارة بنت الشيخ !!.
نعم أنا سارة لكن لما بنت الشيخ ؟!
كلمة لعينة فرضت عليّ، أن أكون في قالب تمثال، أعيش من وراء زجاج الفاترين، تصرفاتي جميعها تحت الميكرسوب..
بدأت أشعر بالتقلص، بالأحكام تزداد حولي، النظرات تحيط بي، كثير من التصرفات العادية لا تجوز لي، تساؤلات عديدة تدور داخلي، لما أنا تتبعني العيون ويصنفني الناس ويعاملوني بـ اختلاف، وكأني تمثال للدين!!، لما يستنكرون أخطائي البشريه وضخموها؟!.. لما كل هذه التساؤلات؟!.
ثار بداخلي الغضب.. سألت أبي في يوم: “بابا أنا تعبت، أنا عايزة أكون حرة، محدش يعلق عليا، ليه الناس محسساني ليه كل حاجه بتحاسب حساب مضاعف غيرهم، و كانت الإجاب؛ لأنك بنت الشيخ صاعقة حلت بي، شعرت بالسخط، و التذمر كانت هناك بدايات دموع، احتبستها كعادتي “.
بدأ أبي في الشرح “أنتي مش بنت عادية، الناس بتقول أنك بنتي لازم ماتتصرفيش غير صح، لازم تكوني صورة للالتزام..”
كلمات لا أفهمها لما أنا من التزم كيف لي ألا أخطا..! كانت بداخلي رغبة عارمة للتصرف بكل تلقائية دون إحكام أو أحكام من البشر أو تصنيف، شعرت في تلك الفترات من حياتي وأنا بصدد سجن، أنا مقيدة بصورة أبي، أشعر بالمسؤلية تجاه صورته أمام الناس..!
مع أني تربيت في بيئة صالحة، أسرة ملتزمة ليل نهار صلاة و قرآن و أعمال أبي في البر، لكني لم؟، من اختار أن أكون قديسة أو ابنة للشيخ، فأنا أريد أن أكون عادية، أصيب وأخطئ، أتمايل مع الأغاني وأرقص، أتبادل النظرات مع من يهوي له قلبي، أفصح عن صوت ضحكي بكل طاقة، أظهر جمال ضحكتي.
ظلت بداخلي ثورة، لم استطع تحمل شعور أني أخيب ظن أبي تجاهي، أعوام كنت أشعر بالذنب تجاهه، تجاه الدين، فأنا رمز للدين يفترض بي ألا أخطئ ألا أكون بشرية.
حاولت أن أكون علي طبيعتي، حاربت هذا الفكر التقليدي، ليل نهار أعيش ف مشادات مع كل عائلتي أنا سارة لن أعيش في قالب.. أنا لست نموذجية، إلا أن تجردت فكرة أن أكون بصلة للدين، أنا لست خير دليل للفتاة الملتزمة.. أنا بشرية ولست نبية أو رسول.
أمهات المؤمنين هم من نهتدي بيهم، هم خير برهان ودليل زوجات النبي من نزلت فيهم آيات الله لم أكن ولا أكن بشرية.. عندها بدأت أشعر بارتياح عندما القب نفسي بـ بنت الشيخ دون إحساس بأي مسؤلية تجاه أبي أو الدين، استقليت بذاتي بكينونتي التي بت أبحث عنها من بدايات حياتي، مهما كانت قوالب المجتمع تحرروا من أحكام المجتمع.