تعيش مصر حالة سيئة من تردي الأحوال الجوية، وسوء الطقس على أنحائها بسبب عاصفة التنين، التي تسبب في هطول الأمطار الغزيرة والرعدية والتي لم تشهد البلاد قوتها منذ عام 1994.
جامع أحمد بن طولون أو المسجد الطولوني، كان إحدى المناطق التي سقطت عليها الأمطار، وبعدما تسببت في غرق البيوت والشوارع وهبوط الطرق وسقوط المنازل، وألحقت الضرر بمسجد الحاكم بأمر الله، طالت هذه الأمطار جامع أحمد بن طولون أحد المساجد الأثريّة الشهيرة بالقاهرة، إلا أن شبكات الصرف التي صممت بداخله تحدت هذه الطقس السيئ وانتصرت عليه.
اقرأ أيضًا
بعد أكثر من 1000 عام عاشق الملوخية الحاكم بأمر الله بيغرق
جامع أحمد بن طولون أمر ببناؤه أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية سنة 263هـ/877م بمدينته الجديدة القطائع، ليصبح ثالث مسجد جامع بني في عاصمة مصر الإسلامية بعد جامع عمرو بن العاص الذي بني في الفسطاط، وجامع العسكر الذي بني في مدينة العسكر ورغم أن مسجد عمرو بن العاص لا يزال موجوداً، إلا أن المسجد الطولوني يعد أقدم مساجد مصر القائمة حتى الآن لاحتفاظه بحالته الأصلية بالمقارنة مع مسجد عمرو بن العاص الذي توالت عليه الإصلاحات التي غيرت معالمه.
شُيد المسجد فوق ربوة صخرية كانت تعرف بجبل يشكر، ويُعتبر من المساجد المعلقة، وهو أحد أكبر مساجد مصر حيث تبلغ مساحته مع الزيادات الخارجية حوالي ستة أفدنة ونصف الفدان، وقد بُني على شكل مربع مستلهماً من طرز المساجد العباسية وخاصة مسجد سامراء بالعراق الذي استلهم منه المنارة الملوية، ويقع حالياً بميدان أحمد بن طولون بحي السيدة زينب التابع للمنطقة الجنوبية بالقاهرة، ويجاور سوره الغربي مسجد صرغتمش الناصري فيما يجاور سوره الشرقي متحف جاير أندرسون.
بعد مرور أكثر من 1200 عام على بناء جامع أحمد بن طولون ورغم عوامل المناخ، واختلاف العصور، وتوالي الأزمان، إلا أنه مازال محتفظًا بقيمته المعمارية الفريدة، خاصة وأنه يمتلك نظام صرف للأمطار هو الوحيد من نوعه تقريبًا، شبكات صرف هي الأفضل في العالم وفي التاريخ، جعلته يحتفظ بهذه القيمة والقامة والقوة والمتانة طوال هذه الفترة، فلا إعصار ولا عاصفة ولا أي مناخ سيء استطاع أن ينال من هذا التراث العظيم.
العمارة الإسلامية الفريدة، وشبكات الصرف ميزت جامع أحمد بن طولون عن مثيله، لاحتوائه عل أنظمة طرد وصرف لمياه الأمطار بواسطة مواسير موجهة إلى صحن المسجد تعمل بكفاءة حتى الآن، ورغم ما يملكه العالم من تكنولوجيا حديثة إلا أنه لم يستطع حتى الآن أن يواكب هذا الطراز والعمل الهندسي، وأصبح يغرق في “شبر مياه” على عكس المسجد.
تبلغ مساحة المسجد حوالي 6 أفدنة ونصف، ويتوسط المسجد صحن كبير، وهو فناء مكشوف مربع، طول ضلعه 92 متراً، تحيطه 4 إيوانات من الجهات الأربع، وأكبرها وأعمقها إيوان القبلة، الذي ينقسم إلى 5 أروقة.
وفي عهد السلطان المملوكي لاجين، عام 1296ميلادي، شيدت الميضأة، أي المكان المخصص لعملية الوضوء، بوسط الصحن، ويعلوها قبة مدببة بنيت بالطوب الأحمر، ويبلغ ارتفاعها حوالي 33 متراً، إضافةً إلى منبر الجامع بجوار المحراب، ومئذنة المسجد التي بنيت في موقع المئذنة القديمة بعد تهدمها، في الزاوية الشمالية الغربية.
وصممت المئذنة، التي يبلغ ارتفاعها 40.44 متراً من سطح الأرض، على طراز المئذنة الملوية في مدينة سامراء العراقية، ويلتف حولها سلم خارجيّ يصل إلى سطحها.