” هو العُمرُ ”
(1)
هوَ العُمْرُ ..
رَقصٌ على طَبلِ أضّادِهِ
فوقَ أرضّ الرَماديّ
، نختارُ ما سنغيّرُهُ بعدَ حينٍ
، و نُنقذُ ظِلًا منَ الموتِ
بعدَ اشتهاءٍ طويلٍ لقطفِ الورودِ
، و نهتفُ : لا ، بعدَ أن خَذلتنا ” نعَمْ ”
، و تحدِفُنا الأيّامُ السريعةُ من أمسنا
نحو ما سوفَ يصبحُ في الغَدِ أمَسا
، و حينَ نحاوِلُ أن نقرأَ الوقتَ
يَحْتلُّنا الوقتُ ،
ينقَضُّ بَنْدولُ ساعاتِنا في ثَوانٍ علينا
كَمسٍ غريبٍ
فنرقصُ في سيرنا المتذبذبِ
بينَ الوجودِ و بينَ العدمْ
وتلدغُنا في المسيرِ العقاربُ
، ينتشرُ السمَُ شيئًا فشيئًا
، فنجهلُ معنى الوجودِ ،
و نجهلُ معنى العدمْ !
(2)
هُوَ العُمرُ ،
أو قُلْ : هو الزمنُ المُرُّ ،
سِكّيرُ خمرِ التواريخِ و الأمْكِنَة .
بالوعةٌ تشفطُ الذكرياتِ ،
تُعوِّضُ أصحابها بالتجاعيدِ
– أكياسِ موعظةٍ –
بعد أن تسرقَ الحُلوَ من وجبةِ اليومِ
، يجهشُ رُوميُّ بالشِعرِ إذ ماتَ شَمسُ
، نعم ..
هكذا تتلاشى الأناسيُّ في مشهدٍ عبثيِّ
انسلاخًا إلى الشِعرِ حتى المماتِ ،
و بعدَ المماتِ تضافُ النقاطُ إلى الزمنِ المُرِّ
أو قُلْ : يكونُ النبيذُ قد اختمرَ ،
الآنَ يشربُ كأسًا جديدًا
و تلمعُ نشوتُهُ في مُحيّاهُ
و الكأسُ في يدِهِ تتأوَّهْ
، سربالُ غطرسةِ المُنتصِرْ
، و تاجُ المُؤلَّهْ !
(3)
..
و كانت تكلّمني إن تجلّى القَمَرْ
و لمّا سألتُ عنِ السِرِّ
قالتْ :أنا لا أسميهِ يومًا قمرْ
إلا إذا كان بدرًا
فإن ينقصِ البدرُ في ضوءِهِ
اللفظُ عنديَ ينقُصْ
و معهُ حُضوريَ ينقُصْ
فقلتُ : و لكنه كوكبٌ متقلّبُ ذو أمزجةْ
فقالت : فإن كانَ يغصبنا في السماءِ
على أوجهٍ
فإنّيَ بحبي لِوجهٍ
و ميل اكتمالِ حضوري لَهُ
لَأغصبْهُ فِيَّ على أن أراهُ قمرْ
إذا كان بدرًا فقطْ
و ها أنت ذا
تكلمني .. و أنا ميّتة !
و ها أنا ذا لا أكلمْكَ
إلا إذا اكتملَ القُرصُ كُلٌّ ضِياءْ
فقلتُ : أحبكِ ،
قالت : هو ذا ..
هو الحُبُّ يُسقِطُ سَطْوَ الزَمَنْ
و يُحيّي أبديةً من أديمِ الفَنَاءْ !
#محمد_فضل