مراجعة مسلسل see.. يقدم لنا مسلسل See تصوّر مفزع لمستقبل البشرية بعد أن تسبب فيروس ما في القرن الحادي والعشرين في القضاء على أغلب البشر، بينما فقدت الفئة القليلة الناجية التي لا تتجاوز المليوني شخص بصرها تماماً، واستمر فقدان البصر لقرون طويلة، مما جعل من الإبصار نعمة منسية تحولت مع مرور الوقت إلى خرافة كل ذلك قبل أن يصبح الإبصار هو اللعنة الشيطانية التي تسببت في دمار العالم.
وترى ما الذي سيحدث حين يظهر شخص مبصر في عالم يظن أن الإبصار لعنة سبق وتسببت في دماره، هذا ما سنعرفه عند مشاهدة مسلسل See بحكايته الملحمية التي تبشر بالكثير، حيث سنرى في مستقبل البشرية المعتم صورة للماضي البعيد الذي لم نشاهده، حيث كل شيء يبدأ من الصفر، ويسود نظام القبيلة وتعود تجارة الرقيق للحياة من جديد.
واختارت Apple TV أن تقوم بعرض أول ثلاث حلقات مرة واحدة على أن يتم عرض حلقة واحدة كل أسبوع بعد ذلك، وهي سياسة بث على الرغم من غرابتها إلا أن الحلقات الثلاثة نجحت تماما، في تقديم بداية قوية للمسلسل ووضعت المشاهدين في حالة من الترقب لمعرفة ما الذي سيحدث بعد ذلك.
شاهد ايضاً: مي فودة تكتب: لماذا نجح مسلسل 13 reasons why ؟
ما بين الممتاز والجيد والمقبول تم إجتياز الإختبار بنجاح
يمكننا أن نقول هنا أن النتيجة النهائية للعمل ككل جاءت جيدة أو مقبولة بشكل ما، ولكن في حال قررنا أن نعطي تقييم منفصل لكل عنصر من عناصر العمل سنجد أن أداء الممثلين جاء مقبولا، أو عاديا، وربما يرجع ذلك للمساحات الضيقة التي يتحرك فيها أبطال العمل والتي نرجو أن تكون أكثر إتساعا، في الحلقات القادمة، نستثني بالطبع “جايسون موموا” صاحب الأداء الأكثر تميزا، هنا الذي يلعب دور البطولة ونتوقع له أن يتألق أكثر في الحلقات القادمة.
وفي حال تطرقنا إلى الموسيقى التصويرية سنجد أنها جاءت رائعة، فقد أضافت موسيقى العبقري “بير ماكريري” لمشاهد الأكشن المزيد من الإثارة والتشويق، كما جاءت المعارك التي أظنها أفضل مشاهد المسلسل على الإطلاق متقنة التصميم ومبهرة التنفيذ والإخراج حيث تم تصميمها بالشكل البدائي الملائم تماما، لصورة المستقبل كما أراده صناع المسلسل أن يكون.
وقد نجد هنا من يعترض على المهارة التي يحارب بها فاقدي البصر إلا أنني لم أجد أي مشكلة في تقبل الأمر بل أبهرتني جودة تصميم واخراج المعارك بالرغم من دمويتها الشديدة التي لا تناسب ذوقي في أغلب الأحوال.
الطبيعة الساحرة تعزف لحنها الخاص
تألقت الطبيعة وأجوائها الساحرة هنا لتعطي لحكايتنا أفضل صورة ممكنة على الإطلاق، حيث سنرى شلالات المياه الغاضبة تقابلها الينابيع الصافية الهادئة، والجبال الشاهقة تكسوها الخضرة، بينما تتلألأ أشعة الشمس الذهبية فوق الغابات الشاسعة، صورة بديعة لطبيعة لم يتمكن الإنسان من تشويهها، بينما يظهر على الجانب الآخر ما تبقى من حضارة زائلة يكسوها الغبار ولا يعيرها أحد أي اهتمام إلى الآن، إلا أننا نتوقع أن يتم استغلالها وتوظيفها في الحلقات القادمة.
ما سقط سهوا وما سقط عمدا
على الرغم من فكرة المسلسل الجيدة والتنفيذ المتقن والإخراج الرائع الذي سبق وتحدثنا عنه إلا أن مسلسل See خرج للنور محملا، بأخطاء لا يستهان بها، أغلبها أظنه سهوا، وأتمنى أن يتم معالجته في الحلقات القادمة أو حتى المواسم القادمة.
من أبرز تلك الأخطاء هو تصميم الملابس والمنازل الذي جاء متقنا، بالدرجة التي لا يمكننا معها تصديق أن صانعها فاقد البصر، فقد تم الإهتمام بتفاصيل لا يمكن لفاقد البصر أن يدركها، كالتاج الذي تضعه الملكة مثلا، أو الثوب المميز الذي ترتديه، بالإضافة إلى أنه تم تخصيص اللون الأسود لملابس الأشرار هنا.
أما الخطأ الثاني الذي أزعجني ولا أدري كيف غفل عنه صناع العمل هو عدم وجود أي تغيير يذكر على شكل الأبطال بل وشخصياتهم أيضا،بالرغم من مرور سبعة عشر عاما، منذ بداية الأحداث وكأن عامل الزمن لا وجود له على الإطلاق هنا.
أما السقطة الأخيرة التي جاءت عمدا، بكل تأكيد هي الطريقة الفجة التي تناجي بها الملكة “كين” التي تقوم بدورها “سيلفيا هوكس” الآلهة ما الداعي لتلك الصورة المنفرة لأحد أكثر الأمور روحانية وقداسة، خطأ لا يمكنني تجاوزه بأي شكل من الأشكال، وأجده يضرب المسلسل كله في مقتل دون أي سبب واضح.
هل أصبحت تلك المشاهد الفجة المنفرة هي ما تجذب المشاهد الآن، أنا كمشاهدة أرفضها تماما، ليس فقط من الناحية الأخلاقية أو الدينية ولكن لأنها أيضا، جاءت في سياق صادم بصورة مقحمة بلا أي معنى وغير مفهومة أو مبررة.
https://youtu.be/FZwJn9-C6gg