مي فودة
في وقت سابق من الزمن كان الناس يتحدثون عن الصداقات الثمينة والمتينة ويتباهون بها
فيصفون أفعالها “بالجدعنة اللامتناهية،والعطاء الغير مشروط ويحكون قصص مثل :
١_ جاءني صديق في منتصف الليل في ليالي ديسمبر شديدة البرودة حين علم إني أصبت “بالحمى” فأحضر لي الطبيب والكثير من الطعام والشوربة،والمشروبات الساخنة والدواء لأنه يعلم أن زوجتي مسافرة عند أهلها ولم يتركني إلا حين شفيت تماما.
٢_صديق لي أعطاني مبلغا من المال لأنفقه على أسرتي بدون أن أطلب،فقط هو شعر أني بحاجة إليه فبادر بذلك ولم يطلبه مني أبظا،لكني أخذت عهدا على نفسي أن أرده له في اقرب وقت
مي فودة
٣_صديقة بالرغم من أنها شديدة الدقة والنظام والحفاظ على أشيائها الخاصة أعطت صديقتها جهاز الحاسب الآلي الخاص بها لمدة أسبوع حين علمت أن جهازها في الصيانة وهي تعلم أن صديقتها تلك عشوائية وربما لن تحافظ على جهازها بنفس مقدارها،لكن محبتها كانت أكبر من كل شيئ،كانت أكبر حتى من مبادئها
٤_علمت صديقتي أني أحب الاهتمام والكلام والحب والاحتواء،وزيارات البيت،وليس الخروج بالخارج فتفهمت ذلك وصنعنا من الزيارات المنزلية عالما كبيرا لنا من التعلم والتطوير والحكي والإنصات،علمت أنها تحب الخروج فقمت بتلبية رغبتها….
مي فودة
هكذا الصداقة فهم احتياجات صديقك،حين يتحدث وحين حتى لا يتحدث
تجاهل الاحتياجات وربما الغباء في فهمها هما من أكثر الأشياء التي تدمر أي علاقة
فهم الاحتياجات وتغذيتها ومساندتها يشعر الشخص بالأمان،كما يشعر الطفل في رحم أمه وعدم فهم الإحتياجات يشعر بشرخ كبير في الروح ينتج عنه بالطبع عدم أمان كبير
عدم الأمان يوصل شعور للإنسان بأنه شخص وحيد حتى في وجود ذلك الصديق،لأنه يعلم أنه مؤقت فهو حاول كثيرا أن يفهمه احتياجاته لم يلبيها ولم يفهمها.
للأسف صداقة العصر الحديث تؤمن بالمساحات،بالمكالمات البعيدة والزيارات الأبعد بسبب مشاغل الحياة وتؤمن بالحرية،وبالقرارات المستقلة وليست المشتركة
وهذه الصفات والاتجاهات حتى وإن أعجبتنا في البداية وآمنا بها واعتنقنها لفترة صدقوني،صدقوني،صدقوني لن تكون أبدا الصداقة التي نحلم بها !!!