هل التسعيرة الجبرية لشرائح الكهرباء هي أحد أوجه مظاهر الفساد في وزارة الكهرباء؟.. أو بمعني أوضح هل تلك التسعيرة تستهدف زيادة الأعباء على المواطنين وأصحاب الشركات والمصانع لصالح بعض شركات إنتاج وتوزيع الكهرباء؟.
هذا السؤال يتبادر إلى الذهن مع زيادة أسعار شرائح الكهرباء في ظل وجود فائض من الإنتاج مع عدم زيادة الطلب على الكهرباء.
من البديهات الاقتصادية، أنه في حالة زيادة الإنتاج، ومن ثم العرض عن الطلب ينخفض السعر تلقائياً، إلا في حالات معينة منها حالة التسعيرة الجبرية، فهل الحفاظ على ثبات حجم الانتاج هو ما دفع الشركة المصرية لنقل الكهرباء لإلغاء مناقصة لإنشاء محطة طاقة رياح في غرب النيل بقدرة 250 ميجاوات وكذالك إلغاء مناقصة محطة الطاقة الشمسية في نفس الموقع بقدرة 200 ميجاوات؟.
إن عدم ذكر أسباب لعملية الإلغاء يفتح الباب للعديد من علامات الاستفهام فهل تم الإلغاء لوجود بعض الاتفاقيات الملزمة الموقعة مع عدد من الشركات، والتي تقتضي بشراء الكهرباء المنتجة منها لمدة 25 عامًا، والتي ستدخل التشغيل التجاري نهاية العام الجاري ومنتصف 2021 ؟ – بحسب ما نشر في بعض المواقع؟ – أم أن هناك اتجاه لتمكين الشركات الخاصة من الاستحواذ على إنتاج الكهرباء في مصر؟ الأمر الذي يدعمه إعلان البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أنه يدرس توفير تمويل طويل الأجل يصل إلى 50 مليون دولار أمريكي (ما يعادل 42 مليون يورو) لتمويل إنشاء محطة طاقة رياح بقدرة 500 ميجاوات تقع في خليج السويس. وكشف أن المحطة تمتلكها شركة البحر الأحمر، وهي شركة ذات غرض خاص يتشارك في ملكيتها إنجي انيرجى (35%) وتحالف تيوتا تسوشو ويوريوس القابضة (40%) وشركة أوراسكوم للإنشاءات (25%)..
لقد كان حصول المواطنين على الطاقة الكهربائية يأتي ضمن إطار الخدمات الاجتماعية التي التزمت الدولة لفترة طويلة بتوفيرها فيما قبل عام 2011 ، فكانت اسعار شرائح الكهرباء منخفضة، وهذا الانخفاض في اسعار الطاقة كان أحد أهم محفزات جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتشجيع المستثمرين على زيادة الانتاج وتوفير وظائف جديدة.
قبل بدء الإصلاح الاقتصادي في 2016 كانت معاناة انقطاع التيار الكهربائي وضعف الإنتاج أحد أهم اسباب رفع اسعار شرائح الكهرباء، ناهيك عن التعهدات التي اقتضاها قرض صندوق النقد الدولي. لقد أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة أن نتائج الاصلاح الاقتصادي سيشعر بها المواطن.
وفي ظل قيام وزارة الكهرباء بإلغاء مناقصات لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وسعي شركات آخرى للحصول على قروض من البنك الأوروبي لإنشاء محطات توليد الكهرباء من طاقة الرياح ليضع علامات الاستفهام حول االاستراتيجية التي تعمل بها وزارة الكهرباء، وأن يصاحب وجود فائض في الانتاج زيادة في اسعار شرائح الكهرباء، يتحملها المواطن وأصحاب الأنشطة الاقتصادية الأخرى، يوضح جانب من اسباب عدم شعور المواطن المصري بنتائج الاصلاح الاقتصادي، حيث أن الشركات المنتجة والموزعة للكهرباء والتي حققت فائض في الانتاج والارباح هي فقط من ربحت من الاصلاح الاقتصادي.
إن زيادة الانتاج سواء من قِبل الشركات العامة أو الشركات الخاصة أمر بلا شك مرغوب فيه، لكن أن تقف أليات السوق عن العمل ولا تنعكس زيادة الانتاج في ظل عدم الزيادة في الطلب على تخفيض اسعار الكهرباء وأعادة النظر في منظومة التسعير الإجباري بصورة يشعر بها المواطن الذي تحمل عبء الاصلاح الاقتصادي هو ما يجب على وزارة الكهرباء القيام به.