لم تولد الإعلامية السورية الشابة أروى أحمد في بيئة شاعرية، لكن للأدب حصّة وافرة من سنواتها التأسيسية. تعلّقت باللغة العربية من خلال والدها الراحل، الذي كان ضليعاً بأصول لغته الأم، مثقفاً متعلّماً ومحاوراً نهماً.
هكذا، طبعت ذاكرتها الطفولية مشاهد أبٍ يروي لعائلته كيف فرّقت البسوس عربَها، ويصوغ حكائياً سيرة لقاء قيس بن الملوّح بليلى العامرية على سفحِ رامة، ويبحث عن مبررات لهجر ميسون بنت بحدل قصر بن سفيان، وعودتها إلى بيت الشعر! وينسج القصص الواقعية عن نكران اعتماد الرميكية يوم الطّين!
أمّا أمهّا فقد كانت أُميّة الحرف، لكنّها رممت ذلك بصوتها العذب، وصنعت لابنتها أذناً موسيقية بالاتكاء على مئات الساعات التي أمضتها تستمع إلى نصري شمس الدّين، ومحمد عبد الوهاب، وأم كلثوم، فيما أسهمت مجازياً في صوغ تعاطفها مع وردة الجزائرية في حبّها لبليغ حمدي، وتركتها تتخيّل فيينا وليالي الأُنس فيها. لاحقت راكمت الصبيّة السورية على أساس ذاك المدماك، وتخرّجت من كلية الإعلام في دمشق، وبالمصادفة زارت الإمارات بعد تخرّجها..
هناك قررت أن تشق طريقها كما تفعل غالبية الشاب السوري اليوم. حظيت بفرصة في تلفزيون «الفجيرة» بإدارة «شركة ماب للإنتاج» وقدّمت محتوى عبر منصّة «إماراتُك» ليحصد حضورها ملايين المشاهدات، رغم أنها أوّل تجربة محتوى متخصص في اللغة العربية، إلا أنها تركت تفاعلاً جماهيرياً واسعاً. تلقّف «تلفزيون أبوظبي» الإعلامية الشابة، وفتح لها هواءه لتقدّم برنامجاً متخصصاً في اللغة العربية أيضاً، إضافة إلى ضمّها لفريق نشرات الأخبار الرئيسية.
تقول أروى أحمد في حديثها معنا: «برنامجي على «أبوظبي» اسمه «لغتنا» يتحدث عن أهمية تثبيت وتمكين لغتنا العربية في أوساط باتت الإنكليزية فضاءها الأساسي. طبعاً المحتوى الذي قدمته على منصّة «إماراتٌك» الرقمية هو الذي جعلني مشاهَدة من قبل «تلفزيون أبوظبي». هكذا، حقق برنامجي مشاهدات كثيرة، وكرّس نخبة من الجمهور النقيّ، إذ نتحدّث من خلاله وعلى مدار نصف ساعة تلفزيونية، عن ترف اللغة، ومواضع بهائها، وعلّو جمالها، ورصانة وقعها، إلى جانب استضافة شخصيات مهمّة على الساحة الثّقافية (البرنامج يعرض كل جمعة الساعة 7.30 بتوقيت أبوظبي عبر ثلاثة مواسم ــ ومن المتوقع تمديد حلقاته)
أما عن فكرة تخصصها في برامج معنية باللغة العربية، فتوضح: «اللغة العربية هي موطن، وجذور، وبيت العواطف، ومساحة التعبير الأصيلة، وهي اليوم تعاند الحديد الصلب لبقائها على قيد الحياة عالمياً. لذا كان لا بد من طرح حلول لتنفذَّ على الأرض، بخاصة أن غالبية المدارس تلهث وراء الإنكليزية واعتمادها كلغةٍ أساسية في التعليم، بذريعة أنّ العربيّةَ عاجزة عن مسايرة العصر والتطور العلمي. عموماً تبقى العربية لغة رنّانّة وذات إيقاع جميل لكنّها تحتاج إلى تغيير في وسائل تدريسها، كما أنّ الجهود الفعلية لتعزيزها ضعيفة».
تستطرد المذيعة الشابة في الحديث عن التراث العلمي العربي وتشعّباته: «عانى علماؤنا العرب من سرقة أبحاثهم من قبل من رمانا بالرجعية والجمود وزعم بالتقدم والبحث العلمي، فهم من سرقوا من العرب اكتشافاتهم وفعلوا ما لم نفعله حين قاموا بتطوير هذه العلوم»