شهدت الأسواق المالية في السعودية خلال يوم 26 نوفمبر 2025 حالة من التوتر والضغوط، حيث تأثرت التداولات بتراجع أسعار النفط وضعف أداء أسهم البنوك، وهو ما انعكس مباشرة على السوق المالي السعودي. مع فقدان الزخم وسط غياب المحفزات، واصل مؤشر “تاسي” تراجعه تحت وطأة ضغط مزدوج من قطاعي الطاقة والبنوك، مما يوضح مدى حساسية السوق لأي تقلبات في أسعار النفط أو أخبار الشركات الكبرى.
تراجع المؤشر والسيطرة للبائعين
بعد الهبوط الأكبر خلال ستة أشهر في جلسة الثلاثاء، بدأ المؤشر تداولات الأربعاء عند استقرار نسبي عند 10664 نقطة، قبل أن يسجل تراجعاً بنسبة 0.85% في منتصف الجلسة. وقد أظهرت المؤشرات الفنية والنفسية المزيد من الحذر بين المستثمرين، حيث يرى المحلل المالي محمد الميموني أن “الأسعار الحالية مغرية، نعم.. لكن لا أحد يشتري”، موضحاً أن ضعف القوة الشرائية قد يدفع المؤشر قريباً لكسر حاجز الدعم 10400 نقطة، خصوصاً بعد التخلي عن مستويات دعم سابقة.
من جانبه، يؤكد محمد زيدان، محلل مالي في “الشرق”، أن موجة البيع تفرض سيطرتها على السوق، مشيراً إلى أن المؤشر يغلق عند أدنى مستوياته بشكل متكرر منذ بداية الأسبوع، في مؤشر واضح على اتجاه هابط يفتقر لأي محاولات للارتداد صعوداً. ويضيف زيدان أن كسر مستويات 10500 و10400 نقطة يفتح الباب لمزيد من التراجع نحو مستويات 10250 وربما حتى 10000 نقطة.
تأثير أخبار أرامكو على السوق
تضاعف الضغط النفسي على السوق مع أخبار بيع أرامكو السعودية لبعض أصولها، إذ أوضح الميموني أن مثل هذه الأخبار تمثل “ضغطاً إضافياً” على المستثمرين. ومع ذلك، يرى المحلل أن الصورة الكاملة قد تكون أكثر تعقيداً، حيث تسعى الشركة إلى إعادة تدوير أصولها وتمويل مشاريع ضخمة يمكن أن تدعم أدائها على المدى المتوسط.
وفقاً لمصادر مطلعة، تخطط أرامكو لجمع مليارات الدولارات من خلال بيع حصة في مرافق تصدير النفط ومنشآت التخزين، بالإضافة إلى استغلال أصول عقارية بمليارات الدولارات. قد يتم تنفيذ هذه الصفقات بهيكل مشابه لصفقة “الجافورة” التي جمعت 11 مليار دولار، وقد تجذب المستثمرين الدوليين في مرحلة لاحقة، في وقت تسعى فيه المملكة لتسهيل ملكية الأجانب للأصول المحلية.
تقييمات السوق وجاذبيتها
على الرغم من الأوضاع الحالية، تبقى السوق السعودية مغرية من ناحية التقييمات، إذ بلغ مضاعف الربحية أقل من 16 مرة، وهو رقم مشجع في الظروف الطبيعية. إلا أن الإطار الحالي من الضبابية الاقتصادية وعدم وجود محفزات واضحة يجعل التقييمات الجذابة أقل تأثيراً. بحسب إكرامي عبدالله، كبير المحللين في “الاقتصادية”، تعكس نتائج الشركات في الربع الثالث تباطؤاً واضحاً، ويشكل تراجع أسعار النفط وضعف أداء قطاعي الطاقة والبنوك عاملين رئيسيين في الضغط على السوق.
صفقة “مسار” وتأثيرها على معنويات المستثمرين
برزت صفقة بيع صندوق الاستثمارات العامة لحصة 3.3% في شركة “مسار” كأحد الأحداث البارزة، إذ تم بيع الأسهم بخصم نحو 10% عن سعر الإغلاق السابق، مما أدى إلى تراجع سهم الشركة بالحد الأقصى إلى 19.9 ريال، مسجلاً أدنى مستوى منذ مارس 2025. وقد وصف عبدالله العملية بأنها محاولة لتدوير رأس المال، لكن السوق استجابت سلبياً بفعل فجوة السعر مقارنة بسعر السوق الحالي.
استراتيجيات أرامكو المستقبلية
تواصل أرامكو السعودية الاستثمار في مشاريع ضخمة مثل مشروع الجافورة، الذي من المتوقع أن يصل إلى طاقته الإنتاجية القصوى بحلول عام 2030. وتلعب الشركة دوراً محورياً في دعم خطة التحول الاقتصادي للمملكة، مستفيدة من عائدات مبيعات الطاقة والتوزيعات النقدية الضخمة، على الرغم من التحديات المرتبطة بتراجع أسعار النفط وتأجيل بعض المشاريع نتيجة لارتفاع التكاليف.
الخلاصة
يبقى المشهد في السوق المالي السعودي معقداً ويجمع بين تقييمات جذابة وضغوط على المؤشرات بسبب ضعف أسواق النفط والبنوك والأخبار المحركة للسوق. ومع استمرار غياب محفزات قوية، يبدو أن السيطرة للبائعين مستمرة، في حين يترقب المشترون فرصاً للاستفادة من الانخفاضات الحالية. وفي الوقت نفسه، تشكل خطط أرامكو الطموحة لبيع الأصول واستثماراتها المستقبلية عنصراً أساسياً قد يعيد التوازن على المدى المتوسط، ما يجعل السوق السعودي وجهة متابعة عن كثب للمستثمرين المحليين والدوليين.




