اللحظات الأخيرة في حياة إسماعيل ياسين
توفي الصديق الغالي على القلب فطين عبد الوهاب، فغمر القلب حُزنًا شديدًا على هذا الفراق الموجع، وعندما ورى جسد “فطين” التراب، شعر إسماعيل ياسين بالدنيا وكأنها تدور به.
اتجه مُسرعًا نحو شقته في شارع 26 يوليو “فؤاد” سابقًا في حي الزمالك، وطلب من زوجته فوزية عبدالعال تجهيز حقيبة السفر وبعض الملابس، ورغم شعوره بالتعب إلا أنه غادر إلى الإسكندرية ومكث بها أسبوع واحد.
عاد بسرعة بعدها إلى القاهرة، ووصل إلى بيته، واستقبلته زوجته وابنه الوحيد ياسين، الذي اندهش من عودته السريعة دون إبلاغ أحد، حتى أنه لم يبلغهم بقدومه، وكان ذلك في الثانية ظُهر يوم 23 مايو 1972.
طلب إسماعيل ياسين من ولده أن يشتري له الآيس كريم الذي أحبه وعشقه من محل بامبو، في شارع طلعت حرب “سليمان باشا” سابقًا، في وسط البلد، وكان آيس كريم بالمانجو والفراولة، وكان قد التهم علبتين متوسطة الحجم ثم خلد إلى النوم.
البقية في حياتكم لقد مات.. مشهد وفاة إسماعيل ياسين
في الساعة الثامنة مساءًا، استيقظ من النوم وطلب زجاجة ماء من الثلاجة، وشرب نصفها وجلس مع زوجته وابنه “ياسين” وصديقه الذي أصبح فيما بعد المخرج مدحت السباعي، وكانا في ذلك الوقت، زميلين في معهد السينما قسم إخراج، وعند منتصف الليل، دخل إلى غرفته لينام، وقال للموجودين: “تصبحوا على خير”، وبعد حوالي ساعة، سمع الجميع صوت كحة شديدة غير طبيعية تأتي من حجرته، وعندما ذهبوا إليه، وجدوا بعض “الرغاوي” تخرج من فمه، وهو يتمتم ويهذي ببعض الكلمات غير المفهومة، وحاولا إيقافه، وبالفعل وقف واندفع مسرعا على قدميه إلى الصالة، وسقط على الأرض.
اقتربت منه “ميرفت” ومسحت فمه، وطلبت من “ياسين” أن يتصل بالطبيب، ولسوء حظه وجد تليفون منزله معطلا، فنزل مسرعا واتصل به من محل “دهب” للسجائر، ولم يتصل مباشرة بالطبيب، بل اتصل بالفنانة مها صبري، لأنها هي التي أرسلت طبيبها الخاص من قبل عند إصابته بأول أزمة، وأصبح هو الذي يشرف على علاجه.
وفي الوقت نفسه، كان “السباعي” قد استقل سيارة تاكسي، وذهب إلى الإسعاف في منطقة الإسعاف، وعاد ومعه طبيب وسيارة إسعاف، ووصل الطبيبان في توقيت واحد عند الواحدة والنصف صباحًا أي بعد منتصف الليل، وفحصاه، وقالا في صوت واحد: “البقية في حياتكم.. لقد مات”.
مقر دفن إسماعيل ياسين
عرض الفنان سمير صبري الذي كان أول من حضر إلى المنزل بعد علمه بالوفاة، أن يدفنه في مدافن عائلته بالإسكندرية، لكن ابنه «ياسين» قال: «السفر بهدلة»، وهنا عرضت كل من الفنانتين درية أحمد، والدة الفنانة سهير رمزي، وفتحية محمود، زميلته السابقة في فرقة «بديعة مصابني»، أن يدفن في مدافن أسرتها، واستقر الرأي على أن يدفن في مدافن المطربة فتحية محمود بالبساتين.
حياة إسماعيل ياسين
ولد إسماعيل ياسين في 15 سبتمبر عام 1912 م، وهو الابن الوحيد لصائغ ميسور الحال في شارع عباس بمدينة السويس، وتوفيت والدته وهو لا يزال طفلا يافعاً.
التحق إسماعيل بأحد الكتاتيب، ثم تابع في مدرسة ابتدائية حتى الصف الرابع الابتدائي، وعندما أفلس محل الصاغة الخاص بوالده نتيجة لسوء إنفاقه ثم دخل والده السجن لتراكم الديون عليه، اضطر الفتى للعمل مناديا أمام محل لبيع الأقمشة، فقد كان عليه أن يتحمل مسؤولية نفسه منذ صغره.
ثم اضطر إلى هجر المنزل خوفا من بطش زوجة أبيه ليعمل مناديا للسيارات بأحد المواقف بالسويس.
كان إسماعيل ياسين يعشق أغنيات الموسيقار محمد عبد الوهاب ويرددها منذ نعومة أظافره، ويحلم بأن يكون مطربا منافسا له.
زوجات إسماعيل ياسين
تزوّج 3 مرات، ولم ينجب غير ولد واحد هو المخرج الراحل ياسين إسماعيل ياسين من زوجته الأخيرة السيدة فوزية.
رحلة إسماعيل ياسين من السويس إلى القاهرة
عندما بلغ من العمر 17 عاما اتجه إلى القاهرة في بداية الثلاثينات حيث عمل صبيا في أحد المقاهي بشارع محمد على وأقام بالفنادق الصغيرة الشعبية. ثم التحق بالعمل مع الأسطى “نوسة”، والتي كانت أشهر راقصات الأفراح الشعبية في ذلك الوقت. ولأنه لم يجد ما يكفيه من المال تركها ليعمل وكيلا في مكتب أحد المحامين للبحث عن لقمة العيش أولا.
ثم عاد يفكر مرة ثانية في تحقيق حلمه الفني فذهب إلى بديعة مصابني، بعد أن اكتشفه توأمه الفني وصديق عمره وشريك رحلة كفاحه الفنية المؤلف الكوميدي الكبير أبو السعود الإبياري والذي كوّن معه ثنائياً فنياً شهيراً وكان شريكاً له في ملهى بديعة مصابني ثم في السينما والمسرح، وهو الذي رشحه لبديعة مصابني لتقوم بتعيينه بفرقتها وبالفعل انضم إلى فرقتها ليلقي المونولوجات في ملهى بديعة مصابني.
استطاع إسماعيل ياسين أن ينجح في فن المونولوج، وظل عشر سنوات من عام 1935- 1945 متألقا في هذا المجال حتى أصبح يلقى المونولوج في الإذاعة نظير أربعة جنيهات عن المونولوج الواحد شاملا أجر التأليف والتلحين، والذي كان يقوم بتأليفه دائماً توأمه الفني أبو السعود الإبياري.