تزّعم الحركة الطلابية في الأربعينيات، وأفنى حياته من اجل رفعة كلمة الحق والدفاع عن الحريات ومجد الوفد، حتى قيل أنه ظل يكتب في ورقة الإجابة وهو طالب في كلية الحقوق، “لن أجيب في ظل وجود الاحتلال”، بحسب رواية أحد الأصدقاء.
محمد عيد المحامي، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد لأكثر من دورة، والذي رشح نفسه ضد جمال عبد الناصر عام 1967، واعتقل لسنوات، وأفرج عنه، ثم اعتقله السادات وأفرج عنه مبارك ضمن الـ30 سياسي عام 81 19.
الوفدي محمد عيد.. هذا الذي كان ضيفًا ثابتًا على المعتقلات ولا تخلو قائمة اعتقال من اسمه، حتى كانت حقيبة ملابسه جاهزة لتلبية الدعوة في أي وقت.
سُجن محمد عيد في 1954 بعد أن حوكم أمام الدجوى في قضية الجبهة الوطنية، التي تكونت من بعض رموز الأحزاب لمقاومة الديكتاتورية. ورغم حصوله على البراءة فقد ظل رهين الاعتقال في سجن “آراميدان”، بعدما انتقل من السجن الحربي.
واجه زعيم الطلبة، الأسطول الإنجليزي عام 1954، ومنعه من الإرساء في ميناء الإسكندرية، الحدث الذي لفت الأنظار لمحمد عيد وللوفد ولحركة الطلاب الجديدة، وأحدث ذعرًا كبيرًا من قوة جديدة هي قوة طلاب الجامعات، هذا الشباب الواعي المُثقف، الذي يخرج في مسيرات ساخنة بالهتافات متجهًا صوب معسكرات الجيش في منطقة الشطبي، ينادي بالثورة، وكانت تلك فرصة عظيمة لظهور الزعامات الطلابية.
احترف محمد عيد مهنة المحاماة، فكانت معظم قضاياه دفاعًا عن حقوق الفقراء والمستضعفين الذين أصابهم الظلم، غير مباليًا بما يدخل جيبه، طالما أنه راضٍ ضميره، ولو شاء أن يكون من أصحاب المال والجاه – لفعل.. لكنه آثر أن يعيش كما يعيش الرهبان، زاهدًا في المتاع الزائل، والجاه الزائف، راضيًا بالحياة البسيطة بين الجماهير.
قال عنه المؤرخ الكبير جمال بدوي، أنه بادله الحب وسكن في قلبه، كونه كانت الحرية والديمقراطية همه الأخير، ليعيش كارهًا للديكتاتورية، عارضًا نضاله في 1954، عندما كشفت ثورة يوليو عن أنيابها بعد مارس في ذلك العام، وخرج “عيد” من جامعة الإسكندرية، ليحمل لواء نصرة الديمقراطية، ويخوض معركة في دائرة الحضرة أمام جمال عبد الناصر، مرشح الثورة في نفس الدائرة، وبالطبع تتم الانتخابات ودفع محمد عيد ثمنًا باهظًا لهذا التحدي من حريته الشخصية، وكان آخر عهده بالمعتقلات في هوجة سبتمبر 1981.
أهداه فؤاد باشا سراج الدين، عصا مصطفى باشا النحاس في الأربعينات عندما كان “عيد” عضوًا في مجلس الشعب، كأحد مؤسسي اتحاد المحامين العرب والأفارقة، هذه العصا التي كان يعتز بها النحاس باشا ليستعين في نضاله ويستند عليها بسبب كثرة استهدافه من رجال المباحث، واحتفظ بها عيد قرابة الـ 34 عامًا.
أما عصا نكروما فهي هدية من السيدة فتحية نكروما لأنها مصرية أهداه له الأستاذ فهمي ناشد عضو مجلس نقابة المحامين الأسبق، والمحامين العرب، حيث أبدى عيد رغبته في الحصول على عصا الزعيم الأفريقي الذي ارتبط بمصر، وكان ساحرًا لشعبه بمجرد أن يرفع العصا، يستجيب له الجميع احترامًا وتقديرًا له.
وفي 2003 رحل محمد عيد في جنازة قادها زعماء الوطنية في مصر والعالم العربي، رحم الله زعماء الوفد الراحلين بعيدًا عن الشو والبحث عن التودد للسلطة في الداخل والخارج.