تابعت خلال الساعات الماضية تطورات المشهد السياسي من حولنا، نأتي لمصر بتفويض البرلمان للرئيس عبد الفتاح السيسي باتخاذ ما يلزم من إجراءات للحفاظ على الأمن القومي، خاصة في الاتجاه الغربي، وقبله مد حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر، واجتماع الرئيس مع مجلس الدفاع الوطني أمس، ثم ذهاب سامح شكري ، وزير الخارجية المصري للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله اليوم، وعرض استئناف جهود السلام على أساس حل الدولتين، كذلك رفض مصر القاطع لأي إجراءات أحادية تتخذها إسرائيل في هذا الصدد.
ومع تفويض البرلمان وزيارة شكري، كان اللقاء بين وزير الدفاع القطري مع وزير داخلية حكومة الوفاق الليبية، في نفس التوقيت الذي نشر فيه تصريحات للمرة الثانية عن بدء ملئ سد النهضة رغم نفي تصريحات سابقة منذ أيام، وقبل ذلك بساعات قرأنا عن اتصال هاتفي بين الرئيس السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن ليبيا، وتلقى الرئيس السيسي لرسالة خطية من الرئيس عبد ربه منصور هادي بشأن تطور الأوضاع في اليمن، ومن قبله، إعلان فرنسا وإيطاليا وألمانيا رفضهم لاختراق حظر السلاح في ليبيا، ومناقشة إمكانية فرض عقوبات على المخالفين.
والمشهد الحالي في ظل الصمت الدولي التام تجاه ما يحدث في ليبيا، ثم الحديث عن عقوبات بمجرد دخول مصر في المشهد للحفاظ على أمنها القومي، وتصريحات ملئ السد التي تأتي دوماً حال تصعيد مصر للأحداث في ليبيا أو تجاه أي قضية أخرى، إلى جانب أمور كثيرة، هنا يستطيع المدقق للمشهد أن يراه أكبر مؤامرة متكاملة الأركان على الدولة المصرية في كافة الاتجاهات.
وفي تقديري واعتقادي ، هو أن إسرائيل تسعى لأن تدفع مصر ثمن موقفها الرافض لما سمي “صفقة القرن”، وكل ما يحدث ما هو إلا محاولات لإثنائها عن دورها تجاه القضية الفلسطينية من ناحية، والأشقاء في ليبيا من ناحية ثانية، ظناً أن النتيجة تكون في صالح إسرائيل وتركيا شرقاً وغرباً، دون أن ننسى المخطط الغربي الذي لايزال قائماً تجاه المنطقة وتفكيكها، وكون مصر الدولة الوحيدة التي حافظت على تماسكها واستقرارها بفضل شعبها وقوة جيشها.
ولم نعد نرى سوى أن ما يلعب بالملف الليبي هو نفسه الذي يحرك ملف سد النهضة وقتما يشاء وبالطريقة التي يريدها، خاصة أننا نعرف موقف وقدرة الجانب الإثيوبي في هذا الصدد.. إنها المؤامرة الكبرى ضد هذا الوطن، والخطر الشديد الذي لم يراه أبناء جيلي على الأقل من قبل.
تبقى كلمة أخيرة، وهي أن تفويض البرلمان للرئيس ليس معناه الحرب في نفس اليوم أو خلال أيام، لكن إنها مصر التي تسعى دائماً للسلام، في نفس وقت الاستعداد للحرب…إنها مصر يا سادة.. وإني أرى إسرائيل في المواجهة مباشرة بمساعدة أعداء آخرين في الخليج.. ستبقى إسرائيل العدو الأول.. وستبقى مصر شامخة قوية ولو كره المجرمون.. حفظ الله مصر وأرضها وشعبها وجيشها من كل سوء.