عندما تعلو أصوات الأسلحة وتندلع نيران الحرب لا تكون الجيوش والقوى السياسية هي المتأثرة فحسب، بل يمتد التأثير أيضاً إلى الاقتصاد ففي تلك الدول المليئة بالحروب والتوترات العسكرية، تتأرجح قيم العملات وتهتز أسواق الفوركس بشكل كبير، ولذلك يعتبر من الضروري بالنسبة لأي متداول في سوق الفوركس فهم تأثير الحروب على أسعار العملات وسوق الفوركس، وإذا كنت مهتماً بهذا الشأن فأنت هنا في المكان الصحيح حيث نستكشف معكم في هذا الموضوع الخفايا وراء تأثير الحروب على عالم الفوركس والتداول.
العلاقة بين الحرب والاقتصاد
في الاقتصاد يوجد هناك ما يعرف باسم حرب العملة، هذه الحرب ليست حقيقية بالأسلحة والدبابات ولكنها عبارة عن حرب اقتصادية بين الدول وبعضها البعض حيث تحاول الدول تخفيض قيمة عملاتها لدعم اقتصاداتها المحلية في التجارة العالمية، وعلى الرغم من أن هذا النوع من الحروب يكون له تأثير سلبي جداً على العملة المحلية للبلاد إلا أن الحروب الفعلية تكون أكثر دماراً لاقتصاد البلد، حيث يكون تأثير الحرب قاسي وواسع النطاق ويمكن أن تتسبب في أضرار جسيمة للبنية التحتية في البلاد وهو ما يؤدي إلى ضربة كبيرة لاقتصاد البلاد على المدى القصير والطويل مما يكلف المواطنين والحكومات مليارات الدولارات.
ومن خلال التاريخ نلاحظ أن الجهود لإعادة بناء البنية التحتية للبلاد بعد الحروب غالباً ما تتطلب اقتراض الأموال بكميات كبيرة وبسعر فائدة منخفض وهذا يؤدي عادة إلى تقليل قيمة العملة المحلية، وبالإضافة إلى ذلك تتسبب حالة كبيرة من عدم اليقين حول مستقبل الاقتصاد والدول المتأثرة في زيادة التقلبات في قيمة العملات، وبالتالي فإن الدول التي تشارك في الحروب تواجه مستويات عالية من التقلبات في قيمة عملتها بالمقارنة مع تلك التي لا تشارك في الصراع.
ومع ذلك يعتقد بعض الاقتصاديين أنه يمكن أن يكون للحرب تأثير إيجابي على الاقتصاد، وبالطبع يعتبر هذا الاعتقاد غريب إلى حد كبير، فكيف يمكن للحرب والدمار أن يدعم اقتصاد البلاد؟ في الحقيقة يحدث هذا الأمر بطريقة غير مباشرةً وخاصةً في الدول ذات الاقتصاد النامي أو المتعثر حيث أن الحروب تضع ضغط قوي جدًا على الحكومة من أجل تحسين الإنتاج الصناعي للبلاد وخاصةً في مجال الأسلحة ومعدات الحرب وهو ما يمكن أن يدفع الاقتصاد نحو التقدم الصناعي، ومن الأمثلة على ذلك هو دخول الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية بعد هجمات بيرل هاربر وهو ما ساعد في إخراج البلاد من قبضة الكساد الكبير.
تأثير الحروب على أسعار العملات وسوق الفوركس
- عدم اليقين بشأن الاقتصاد: تسبب الحروب في زيادة مستويات عدم اليقين في الاقتصاد مما يؤدي إلى تقلبات كبيرة في أسعار العملات، وفي هذه الحالة يؤدي عدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد والسياسة في البلاد المتورطة في الحرب إلى احتفاظ المتداولين بعملاتهم أو يفضلون العملات الأكثر استقرارًا مثل الدولار الأمريكي والين الياباني.
- تأثير النفقات الحربية: يمكن أن تتسبب النفقات الهائلة التي تستنزفها الحروب إلى زيادة الديون العامة وتقليل الاحتياطيات النقدية للدولة، مما يؤدي إلى ضعف العملة المحلية.
- تأثر البنية التحتية والاقتصاد: تُحطم الحروب البنية التحتية للدولة وتؤدي إلى انخفاض الناتج الإجمالي المحلي (GDP) بشكل كبير وهو ما يضر بالنمو الاقتصادي ويؤثر بالسلب على قيمة العملة.
- عجز الميزان التجاري: قد يؤدي تعطيل الإنتاج وتقليل الصادرات بسبب الحرب إلى تقليل فائض التجارة للدولة، مما يؤدي إلى عجز في الميزان التجاري، الأمر الذي يدفع العملة نحو الهاوية أكثر.
- تأثير السياسات النقدية: قد تتغير سياسات البنوك المركزية في الدول المتورطة في الحرب، مما يؤثر على مستويات الفائدة ويؤدي إلى تغيرات في قيمة العملة.
- تأثير على الثقة الاقتصادية: تؤثر الحروب على الثقة العامة في الاقتصاد وخاصةً بالنسبة للمستثمرين الأجانب مما يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال وتقليل الاستثمارات الأجنبية المباشرة الأمر الذي يؤدي بدوره إلى المزيد من الضعف والانهيار لقيمة العملة المحلية.
لذا يمكننا بشكل عام القول بأن الحروب تثير تقلبات كبيرة في سوق الفوركس وتؤثر سلباً على قيمة العملات، حيث يتجه المستثمرون عادةً إلى العملات ذات الاستقرار العالي في مثل هذه الظروف مثل الدولار الأمريكي (USD) والين الياباني (JPY) والفرنك السويسري (CHF) والعملات الأخرى التي تحتفظ بقيمتها في ظل الظروف الصعبة.
وبالتأكيد، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وتقلبات الأسواق الناتجة عن الحروب والأحداث الجيوسياسية، يصبح من الضروري بشكل خاص الاعتماد على مشورة خبير أو مستشار مالي لتقديم النصائح المهنية والتوجيه الصحيح للمستثمرين فيما يتعلق بإدارة محافظهم واتخاذ القرارات الاستثمارية الصائبة، كشركة إنفستنغور فهي تعد مستشاراً مالياً موثوقاً يمكن الاعتماد عليه في مثل هذه الظروف الدقيقة.
فبفضل خبرتها وتحليلها المتعمق، تقدم إنفستنغور استراتيجيات استثمارية مصممة لتقليل المخاطر وتحقيق العوائد في البيئات الاقتصادية الصعبة، مما يساعد المستثمرين على البقاء على دراية بتطورات السوق واتخاذ القرارات المالية الصائبة في ظل التقلبات الكبيرة التي قد تحدث نتيجة للاضطرابات الجيوسياسية والحروب.
الخاتمة
في الواقع، إن الاضطرابات السياسية والكوارث الطبيعية والحروب هي مجرد بعض الأحداث التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير وعميق على أسواق العملات، حيث أن العملة تستمد قيمتها بشكل كبير من القوة الاقتصادية للبلاد، وبالتالي فإن العوامل ذات التأثير السلبي على الاقتصاد ،بما في ذلك الحروب، سوف تضعف الاقتصاد بشكل كبير، فينبغي على المتداول الناجح إما أن يستشير خبير مالي حتى وإن كان التنبؤ بالأحداث صعباً أو يستخدم الأحداث العالمية كمؤشر أساسي ضمن استراتيجية التداول الشاملة الخاصة به.