تؤكد المؤشرات والمعطيات المتاحة أن سوق التدخين سوف يشهد تغييرات قد تكون جذرية على مدار الأشهر القليلة المقبلة، وأن خريطة بيزنس التدخين ستطرأ عليها عدة تعديلات لعدة أسباب أهمها تغير ثقافة المدخنين، وانتشار منتجات جديدة بخلاف السجائر التقليدية، التي ربما تندثر تدريجيا بفضل التكنولوجيا.
تقول الإحصاءات إن هناك حالة وفاة كل ست ثوانٍ بسبب مرض متعلق بـ التدخين ، كما تؤكد الأرقام أن نصف من يدخنون سيموتون بسبب مرض مرتبط مباشرة باستخدامهم للتبغ القابل للاحتراق، أو التدخين التقليدي.
الانتقادات التي تتعرض لها شركات التبغ من ناحية، وثورة التكنولوجيا الهائلة التي تجتاح العالم من ناحية أخرى، عوامل دفعت هذه الشركات إلى التفكير في منتجات بديلة للمدخنين، وهى المنتجات التى تقول الشركات إنها قد تكون “أقل ضررا” من التدخين التقليدي.
الأرقام المتاحة تكشف عن حقائق هائلة بشأن بيزنس التدخين في العالم، حيث يقدر حجم مبيعات منتجات النيكوتين في العام 2017 بنحو 785 مليار دولار، منها 89.1% عبارة عن مبيعات سجائر، وفقا لتقرير منظمة “عالم بلاتدخين” التي يقع مقرها في نيويورك، وهى القيمة التي تعد ضعفا لقيمة مبيعات السلاح حول العالم، والتي يقدرها مركز “استوكهولم” الدولى لأبحاث السلام، بنحو 398 مليار دولار تقريبا.
الأيام الحالية تشهد تحركات واضحة ومكثفة، سواء على مستوى العالم أو حتى على مستوى السوق المصرية، من جانب عمالقة التبغ لتغيير خريطة منتجات التبغ، وإحلال منتجات التدخين الإلكتروني محل السجائر التقليدية. وهو ما بدا واضحا في طلبات شركات السجائر الأجنبية، وطلب شعبة الدخان باتحاد الصناعات لوزارة الصحة بإزالة الحظر المفروض على استيراد السجائر الإلكترونية، وهو الطلب الذي سبقه قيام وزارة الصناعة بإصدار أول مواصفة مصرية من نوعها لهذه النوعية من السجائر.
بيانات الموازنة الحالية تشير إلى أن قيمة الحصيلة الضريبية المُتوقع تحصيلها من الضرائب على القيمة المضافة على التبغ والسجائر المحلية والمستوردة تقدر بـ 67 مليارا و128 مليون جنيه، بالإضافة إلى رسوم جمركية 899 مليونا و900 ألف جنيه، ليصبح إجمالى الضرائب والجمارك المتوقع تحصيلها على السجائر والتبغ 68 مليارا و27 مليونا و900 ألف جنيه، وهو رقم كبير، مقارنة ببنود إيرادات أخرى في الموازنة.
الواقع الحالي يقول إن الحصة السوقية للسجائر المهربة التي تدخل البلاد بشكل غير شرعي ارتفعت من 2% إلى 6%، وفقا لمصادر بشركات السجائر العاملة في مصر، في وقت تنتشر بشكل لافت منتجات السجائر الإلكترونية في السوق المصرية، والتي تدخل الأسواق هى الأخرى عبر التهريب، نظرا لوجود حظر على استيرادها، وهو ما يعني أن هناك ملايين بل مليارات الجنيهات المهدرة نتيجة عدم تحصيل رسوم ضريبية أو جمركية على تلك المنتجات، فضلا عن تراجع إيرادات الضرائب من الشركات الرسمية نتيجة تأثر مبيعاتها سلبا.
بكل تأكيد، فإن للتدخين أضرارا مدمرة للصحة، لكن لغة الأرقام والواقع تقول إن ثمة فوائد اقتصادية كبرى من “بيزنس التدخين”، في مقدمتها على الأخص الإيرادات الضريبية، ومن ثم فإن المعطيات الحالية تشير إلى أهمية وجود تحرك حكومي يقنن الأوضاع القائمة، ويسهم في زيادة موارد الدولة من خلال السيطرة على القطاع غير الشرعي ووضع الأطر التشريعية لدعم عمل القطاع الرسمي.