كثيرًا ما يحب اﻹنسان أن يبدأ صفحة جديدة فى حياته، ولكنه يربط هذه البداية بأمور مجهولة كتحسن فى حالته أو تحول فى مكانته .
ولابد أن نعى جيدا أن التجديد منهج حياة فى اﻹسلام .
فاﻹنسان المقبل على الدنيا بعزيمة وبصر، لا تخضعه الظروف المحيطة به مهما سادت، ولا تصرفه وفق هواها .
إنه هو الذى يستفيد منها، ويحتفظ بخصائصه أمامها، كبذور اﻷزهار التى تطمر تحت أكوام السبخ، ثم هى تشق الطريق إلى أعلى مستقبلة ضوء الشمس برائحتها المنعشة !!، لقد حولت الحمأ المسنون والماء الكدر إلى لون بهيج وعطر فواح.
إن اﻹنسان يقدر على فعل الكثير دون انتظار إمداد خارجية تساعده على ما يريد.
إنه بقواه الكامنة، وملكاته المدفونة فيه، والفرص المحدودة المتاحة له يستطيع أن يبنى حياته من جديد .
ولا ننسى حديث مولانا الشيخ محمد الغزالى إذ يقول “الحاضر القريب الماثل بين يديك، و نفسك هذه التى بين جنبيك، والظروف الباسمة أو الكالحة التى تلتف حوليك، هى وحدها الدعائم التى يتمخض عنها مستقبلك، فلا مكان ﻹبطاء أو انتظار، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : “إن الله يبسط يده باليل ليتوب مسئ النهار، و يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء اليل”.. رواه مسلم.
ثم إن كل تأخير لإنفاذ منهاج تجدد به حياتك و تصلح به أعمالك لا يعنى إلا إطالة الفترة الكابية التى تبغى الخلاص منها، وبقاءك مهزوما أمام نوازع الهوى و التفريط.
فلابد للإنسان أن يجدد حياته قدر استطاعته فالله عز و جل جعل التجديد منهج، و ذلك بجعل هذا التجديد في داخل جسم اﻹنسان ومثال على ذلك القلب ، فهو يجدد الدم داخل اﻹنسان .
ويقول أيضا الشيخ الغزالي: “ما أجمل أن يعيد اﻹنسان تنظيم نفسه بين الحين و الحين ، و أن يرسل نظرات ناقدة فى جوانبها ليتعرف عيوبها و آفاتها ، و أن يرسم السياسات القصيرة المدى و الطويلة المدى ليتخلص من هذه الهنات التى تزرى به !!.
فالله عز و جل يفتح أبوابه للإنسان ليجدد حياته إذ يقول فى سورة طه (وإنى لغفار لمن تاب و ءامن و عمل صالحا ثم اهتدى)، فهذه هي دعوة الله لتجديد اﻹنسان لحياته .
فالدين اﻹسلامي دين متجدد دائما ومواكب لكل العصور .