من قبل تحدثت عما يدور داخل القصر باختصار، وذكرت أنه بدون لف ودوران لا أحد هناك من الملائكة ذات الأجنحة ترفرف في السماء، الجميع مدان بلا استثناء، الجميع يرتدي ثوب الفضيلة والشرف ويخوّن ويسب ويشتم، يصف الآخرين بالفجر في الخصومة، ويمارس هو الفجور على طريقته الملائكية، الجميع يزن الأمور بمكاييل مختلفة وليس حتى مكيالين.
انقلب عبدة السلطان وذكروا عبادة الله عندما لم ينفعهم كفرهم، دخل رهبان المال حلبة المصارعة، ودخل رهبان السحر والشعوذة، ودخل رهبان الورث، كل يحمل سلاحه وجيشه من المنتفعين فقط لأن السلطان خدعهم، كأنهم لم يكونوا شركائه في الخداع يومًا ما.
يقول أحدهم أن هؤلاء المنتفعون حول السلطان هم المفسدون في الأرض، ونسوا أنهم يتجرعون من الكأس الذي جرعوا منه من بعدهم للتطبيل لصالح السلطان السابق، كما تدين تدان، لا أحد شريف لا أحد شيخ أو إمام، لا أحد من الخلفاء الراشدين مثلًا، الجميع يحاول احتراف الخداع وإن لم يفلح يفتح دولاب ملابس الثورة والشرف وينتقي مقاسه ويبدأ في الهتاف والسير في المظاهرة، ويطالب بالعدالة.
الغريب أن هؤلاء انخدع فيهم مقربون، وعندما استفاقوا فقرروا حتى ألا يتأذون ولا يُؤذون فلاحقتهم لسعات ألسن الثعابين والعقارب، راحت تطولهم لدغات التخوين ونعت أحدهم بـ “المعرض” أو بـ “الجعر الواطي”، الغريب أنهم يمارسون نفس الأفعال، كانوا حتى يتوددون وعند الحديث وقتها معهم بصيغة الصداقة قالوا أن لكل وقت أذان وأن ذلك هو المناسب وقتها، وكانوا يهتفون ويرددون.
منهم مثلًا لا يعرف وظيف موظف إعلامي في مؤسسته وعند نشر موضوع يصفونه بـ “الملاكي” %D ع أنهم أول من يحاربون ليُنشر لهم عبر تلك الوسيلة!، في البداية كانوا يقولون هذا عملك لكن عندما تعطلت مصالحهم أو تعارضت نعتوك بأبشع النعات والصفات، سبحان الله، لم تُصان عشرة ولا عيش وملح، وعندما أبحت بما في صدرك من ضيق قالوا إنك فاجر في الخصام، ونسوا كل لحظة وكل موقف ولو بسيط عرضت فيه نفسك للخطر لأجلهم رغم أن ذلك كان في صالحهم وأنت لن تنال سوى الخسارة الفادحة لحياتك ومستقبلك.
ما يُحزنني الآن هو أنني لا أستطيع الكتابة بلغة صريحة ولا حتى أذكر اسم القصر أو السلطان أو الحاشية أو المنتفعين أو حتى المتسلقين أو المدعين بالفضيلة وشيم الأخلاق الحميدة المزيفة.. ربما أن أيضًا يلحق بي عار عدم الحديث صراحة لا أنكر ذلك.. لكن ما لا يمكن إنكاره أن جميعنا فاسدون لا نستثني أحد.
لا زلت عند رأيي أن الحكاية باختصار.. أنه لا أحد نظيف جميعهم مزيفون باطلون جبناء فاسدون لا استثني أحد، لا تصدقوا أحد، الجميع في ساحة معركة القصر له مبتغاه الشيطاني ولا عزاء للفضيلة والشرف الزائف، لا معارضة ولا تأييد الجميع كاذب، الجميع مستغل، وينهش في بعضه من أجل الكعكة ولا خاسر سوى جدران القصر، لا خاسر سوى هؤلاء الأنقياء الذين سقطوا في لعبة وهم ضحية نقائهم.
مرفق رابط “الحكاية باختصار (1)
اضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا