وقود الثورات.. بذرة الأمل.. وعماد الأمة.. أساس نهضتها.. ومنبع قوتها.. هؤلاء هم الشباب، وعندما يكون الشباب وفديًا فإن الأمر يختلف، فجينات النضال والدفاع عن الحق، والعوامل الوراثية تجاه الصلاح والإصلاح النابع من الفهم والإدراك والوعي يكون على أعلى مستوياته.
هذا الشباب الذي وطد نفسه على الكفاح لأجل الاستقلال والحرية، واحتمل كل الأذى والضرر الذي أصابه في سبيل وصول الوطن إلى غايته، رغم امتداد أيادي الغدر والإجرام إلى اغتياله تحت جنح الظلام، فإن الله القادر قد نجاه إلى بر مبتغاه، وسينجيه بمشيئته الربانية، وسيظل حاملًا للراية الخضراء أبد الدهر.
إن شباب بيت الأمة، ليس كمثله شباب، هم جنود السياسة في مصر.. تحت مظلة القادة والزعماء، كانوا شرارة الثورة عندما ناداهم الوطن، مصابيح الغد التي احترقت لأجل مستقبل مشرق، فكانوا أول من قدموا أرواحهم مرضاة هذا الوطن العظيم، خطبوا فوق المنابر في 14 نوفمبر 1918، وهتفوا ضد الإنجليز وخرجوا إلى الشوارع مدافعين عن الحرية والاستقلال، مطالبين بسقوط الاحتلال، فبثوا في نفوس الشعب الشجاعة لينضم إليهم في مسيرتهم التي وصلت إلى كوبري عباس دون أن يخشوا البنادق المعلقة فوق رؤسهم.
تصدت لهم فرقة كاملة من جنود بلوك النظام المحملين على عربات مدرعة، مسلحين ببنادق الرش والرصاص، فسقطت الأجسام على الأرض وانسكب أنين الجرحى ليغطي ساحة القتال.
وفي 9 مارس امتنع طلبة مدرسة الحقوق بالجيزة عن تلقي دروسهم وأعلنوا إضرابهم أمام المسئولين البريطانيين، وأعلنوا “أنهم لن يدرسوا القانون في بلد يُداس فيه القانون”، احتجاجًا منهم على القبض على زعماء وأقطاب الوفد ونفيهم إلى مالطة، وألفوا تظاهرة كبرى جالت شوارع القاهرة، وسقط أول شهيدين منهم برصاص الاحتلال.
سعد باشا زغلول.. وضع الحركة الطلابية المناضلة في مكان دافئ من قلبه، فأثناء وجوده في لندن برفقة زعماء الأمة لعرض القضية المصرية، في أول يوليو 1920، وبمجرد علمه بما حدث من قبض واعتداءات، لطلاب مصر وكان على رأسهم “إبراهيم عبدالهادي وتوفيق صليب”، اتفق مع حمد باشا الباسل في الرأي بأن يتم قطع المفاوضات والعودة إلى القاهرة اعتراضًا على هذا الغشم الذي يمارسه الاحتلال في بلاده، لكن تريثوا قليلًا وخاطبوا مصطفى باشا النحاس بالتصرف.
وعلى درب سعد، سار النحاس الذي أسس الطليعة الوفدية وأصدر مجلة رابطة الشباب برئاسة مصطفى موسى، كتشكيل مستقل، وحتى 1947 لم تفكر الطليعة لحظة الإنسلاخ عن الوفد.
هذا هو الوفد، وهذا هو بيت الأمة، الذي رسخ مفهوم مدرسة الشباب على المسرح السياسي المصري، ومازال يستأنف ويواصل هذا الدور حتى الآن، على الرغم من حدوث بعض الاختلافات في وجهات النظر، قد تحتد وتشتد، إلا أنها لا تصل أبدًا إلى حد الخلاف، فشباب الوفد لم يعتد الانفصال عن أحضان بيت الأمة، حتى وإن غاب قليلًا فإنه يبقى وفديًا حتى النخاع.
انظر بعينك.. ليس كمثل شباب الوفد شباب آخر، تحيا أحزاب وائتلافات ومسميات مختلفة، وتموت، ويبقى شباب الوفد زهرة شباب الأمة، شباب واع مثقف مفكر ومبدع، هو مصدر العلم والمعرفة والإبداع لزملائه من التيارات السياسية الأخرى.
يعكف بيت الأمة الآن، على تخريج جيل جديد، وتأهيل كوادر سياسية تحمل راية النضال الخضراء لحزب الوفد، لا أحد منهم يستطيع مهما ابتعد أن يغير جلده ودماءه وينتمي لحزب أو تيار آخر، إلا إذا كان لا ينتمي إلى الوفد في أصله.
فمن يمتلك معهد دراسات سياسية في حزبه كحزب الوفد، من في حزب أو مؤسسته يحتضن الشباب كبيت الأمة، من يجول المحافظات ويذهب ويطرق أبواب بيوت شباب الوفد، كما تفعل اللجنة النوعية للشباب، وتُقدم جرعات مكثفة من المحاضرات التثقيفية؟.. لا أحد أعتقد، من يقود شباب الأحزاب في الائتلافات والتشكيلات الخارجية، من تثق بآرائهم الدولة، ومن قادر على قيادة زمام الأمور سوى شباب الوفد؟!.
إن “الوفد مع الشباب” حملة قوية ترسخ وتؤسس كوادر قادرة على حمل لواء الفكر والسياسة، إذ أن أبناء بيت الأمة على مدار التاريخ هم وحدهم القادرون على حماية القومية المصرية العربية في أي مرحلة يمر بها الوطن، خاصة المراحل المهمة والمحورية في تاريخ مصر المعاصر التي نرجوا أن يكون حاضرها ومستقبلها مشرقًا كالبدر في ليلة التمام والكمال.