قبل 2000 عام من الميلاد، تحديدًا في العصر البرونزي، وعلى بعد 20 كيلو متر من جنوب مدينة المنيا، بنى المصريون القدماء، في الأسرتين الـ11 والـ12 فيما عُرف بالعصر البرونزي منطقة “الجبانة”، في مصر الوسطى الممتدة بين أسيوط ومنف “ميت رهينة”.
هناك.. شيدت الملكة حتشبسوت، وخلفها الملك تحتمس الثالث، معبدًا تحت الأرض لعبادة الإلهة باخت، ويُعرف هذا المعبد الآن باسم “معارة أرتميس”، نسبة إلى اليونانيين الذي وحّدوا بين الإلهة المصرية “باخت”، والإلهة اليونانية “أرتميس”.
معابد مزخرفة، ومغارات منقوشة بالرسوم، محفورة في الصخر.. هكذا اعتاد المصريون القدماء في الدولة الوسطى أن يشيدوا مقابرهم، في مواقع بعيدة مثل موقع “بني حسن”، الذي يضم 39 قبرًا من عهد الدولة الوسطى، لحكام مقاطعة الغزال من الوجه القبلي، الذين حكموا من عاصمة المقاطعة “حبنو”.
تميّزت مقابر “بني حسن” عن غيرها، كونها تقع في الضفة الشرقية للنيل، وذلك على غير عادة المصريين القدماء، الذين اعتادوا بناء المقابر في الضفة الغربية، وكمثلها مثل تلك التي بُنيت قديمًا، فإن هناك نوعان من المقابر بوجه أساسي “مقابر النطاق العلوي، ومقابر النطاق السفلي”، وهي مرتبطة بمستويات مختلفة من الموارد المتاحة للمتوفى.
وبحسب المخطوطات، فإن المقبرة السفلى هناك بها 888 فتحة مقبرة صغيرة (دهليز)، تم استكشافها من قبل جون جارستانج.
أما بالنسبة للجزء الأكبر من هذه المقابر فإنها تشترك في تصميم عام متماثل والذي يشمل غرفة صغيرة أو فسحة عند سفح مدخل المقبرة (التي تواجه الجنوب) لاستقبال تابوت الميت و المخزون الجنائري للميت من طعام و شراب و أثاث و ما إلى هنالك.
أما المدفونين في المقابر العلوية فقد كانوا من فئة النخبة الذين بنوا مقابر فاخرة لتمثيل مراكزهم الاجتماعية و السياسية كحكام و مسؤولين في مقاطعة الغزال، ففي هذا الموقع تم دفن النخبة العليا للمناطق في المقابر الكبيرة والمزينة المنحوتة في الحجر الجيري للمنحدرات بالقرب من عاصمة المقاطعة، وتقع كل هذه المقابر في منطقة المقابر العليا.
و هذه المقابر تقع في صف واحد على المحور الشمالي-الجنوبي. هناك صدع طفيف في الجرف الصخري الطبيعي حيث تفتح هذه المقابر، و هذا الصدع يقسم المقابر التسعة وثلاثين في هذا المكان إلى مجموعتين. و كان التصميم الأساسي لمقابر النخبة يشمل فناءاً خارجياً وغرفة ذات أعمدة حجرية (يشار إليها أحيانا باسم الهيكل)، التي كان بها شق أو دهليز ضيق يقود إلى حجرة الدفن.
بعض المقابر الكبيرة تحمل نقوش السيرة الذاتية لصاحبها مع مشاهد من الحياة اليومية والحرب و الصيد و الرياضة، فهي تشتهر بنوعية لوحاتها، في الوقت الحاضر، كثير من هذه المشاهد في حالة سيئة، على الرغم من أن نسخاً عنها قد صنعت خلال الاستكشافات التي تمت للمنطقة في القرن الـ19.
الزائرون يرون.. روعة التصوير البالغ لمشاهد الحياة اليومية، مشاهد الحساب و رحلة أبيدوس ودندرة “شيء مذهل”، أما المستغرب والمرير فهناك المشاهد الكاملة للعبة المصارعة الرومانية بكامل حركاتها التدريبية، فهى مسجلة “حركة -حركة” في توضيح كامل لأعمال التدريب والتجهيز العسكري.
يقول المهندس حسين منصور، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، إنه من المؤسف ألا تُطالب مصر في المحافل الدولية والأوليمبية بتحويل اسم المصارعة الرومانية إلى المصارعة المصرية، فهي رياضة واكتشاف مصري بالفعل، مؤكدًا أن مقابر “بني حسن” إبداع فرعوني، زينه ضوء الشمس المنعكس من مرآة النيل البديع، احتضنها دفء الجبال على الضفة الشرقية في مشاهد خلابة وطبيعية خلّدت عظمة المصريين على مر التاريخ.