ألقى الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة كلمة في الجلسة الإفتتاحية “للمؤتمر الأول لتفعيل التبادل التجاري للطاقة في الوطن العربي” والمنعقد بالقاهرة خلال يومي 7،6 نوفمبر الجاري والذى يتم تنظيمه بالتعاون بين كل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والبنك الدولي وجامعة الدول العربية.
تقدم شاكر في بداية كلمته بالشكر والتقدير للأمين العام لجامعة الدول العربية على دعوته الكريمة للمشاركة في هذا الاجتماع الهام، مشيداً بدور ادارة الطاقة بجامعة الدول العربية لمواجهة التحديات التي تواجه الدول العربية في قطاع الطاقة وما تقوم به من جهد لتأسيس السوق العربية المشتركة للكهرباء.
أشار شاكر إلى التغيرات العالمية التي من شأنها أن تؤدي إلى التحول فى الطاقة والتي سوف تتطلب تغيير في شكل إنتاج واستهلاك الكهرباء، وتعتبر هذه التغيرات بمثابة تحديات تواجهها كافة الدول مثل نضوب الوقود الأحفوري – محددات تغير المناخ وخاصة بعد COP 21 بالإضافة إلى الطموحات الكبيرة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري – وتفعيل الأهداف 17 للتنمية المستدامة، ومن أهم هذه التغييرات التحول من إستخدام الشبكات التقليدية إلى الشبكات الذكية والتحول من الربط الكهربائي الإقليمى إلى الربط العالمى ومن السيارات التقليدية إلى إستخدام السيارات الكهربائية ومن توليد الطاقة الكهربائية بإستخدام الوقود الإحفورى إلى الإعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
وأشار إلى مشاريع الربط الكهربائى بين الدول والتى أثبتت أن لها العديد من الفوائد منها الفنية والإقتصادية والبيئية والاجتماعية والسياسية والقانونية والتى تتمثل فى تحسين اعتمادية نظم الطاقة الكهربائية اقتصادياً،
كما أشار إلى أهمية مشاريع الربط فى تدعيم الأمن بين الدول والاستقرار السياسي بسبب خلق أجواء التعاون والحوار ووجود مصالح اقتصادية مشتركة وخلق فرص عمل جديدة أثناء فترة الانشاءات والتشغيل.
وأشار إلى الموقع الجغرافي المتميز لمصر عند ملتقى القارات الثلاث أفريقيا وآسيا وأوروبا كما أن مصر دولة عابرة للقارات بسبب موقعها في شمال شرق أفريقيا، ولها أيضا امتداد آسيوي، ولضمان توفير المزيد من الطاقة المستدامة وخلق سوق مشتركة للكهرباء، مؤكداً أن قطاع الكهرباء يضع ضمن استراتيجيته تعزيز وتقوية مشروعات الربط الكهربائى لاستيعاب الطاقات الضخمة التى سيتم توليدها من الطاقة النظيفة، بالاضافة الى اعتبار الربط أحد الوسائل الهامة لتأمين واستقرار المنظومة الكهربائية، كما أنه يعتبر أحد أركان التعاون الاساسية بين الدول بهدف الحد من التكاليف الرأسمالية والتكاليف التشغيلية لإنتاج الكهرباء لمقابلة مستوى معين من الطلب ولتحقيق وفر فى استخدام الطاقة الأولية. كما أن للربط فوائد كثيرة تختلف بإختلاف أنواع الربط وكذلك الغرض منه وسياسات الدول المرتبطة بالنسبة لاعتمادها على الدول الأخرى فى تلبية احتياجاتها من الطاقة الكهربائي.
وأضاف أن مصر تعمل بقوة فى اتجاه تعزيز مشروعات الربط الكهربائى والذى يلعب دوراً هاماً في تعزيز أمن الطاقة وزيادة استخدام الطاقة المتجددة على المدى المتوسط والطويل، كما تشارك مصر بفاعلية في جميع مشروعات الربط الكهربائي الإقليمية حيث ترتبط مصر كهربائياً مع دول الجوار شرقاً (مع الأردن) وغرباً (مع ليبيا)، ويجرى العمل حاليا على دراسة رفع قدرات الربط الكهربائى مع دول المشرق والمغرب العربى، بالإضافة إلى مشروع الربط الجاري تنفيذه مع المملكة العربية السعودية ومن خلاله سيتم ربط مصر بدول الخليج وآسيا. كما تم الإنتهاء من إعداد دراسة الجدوي المبدئية للربط الكهربائي بين مصر وقبرص واليونان حيث ستكون مصر جسراً للطاقة بين أفريقيا وأوروبا. هذا ويجري العمل حالياً فى بعض الإختبارات لبداية تشغيل الربط التجريبى مع السودان.
وأوضح أنه قد تم أمس بفضل الله توقيع مذكرة تفاهم مع المملكة الأردنية الهاشمية وهيئة الربط الكهربائى لدول مجلس التعاون الخليجى بهدف التعاون فى مجال الربط الكهربائى وأسواق الكهرباء.
وأكد أن الربط الكهربائى بين قارة أفريقيا وأوروبا سوف يعمل على استيعاب الطاقات الكهربائية الضخمة التى سيتم إنتاجها من مصادر الطاقات المتجددة فى أفريقيا. وتحرص مصر على دعم جهود الدول الأفريقية للنفاذ للطاقة النظيفة من المصادر المتجددة، لاسيما في إطار تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي، خاصةً في ظل ما تتمتع به الكثير من الدول الأفريقية من العديد من مصادر الطاقة المتجددة غير المستغلة.
وأضاف شاكر أنه بالرغم من التحديات الكبيرة التي واجهتها مصر في توفير الطاقة خلال الفترة السابقة، فقد استطاع قطاع الكهرباء المصرى علي خلفية الاستقرار السياسي إتخاذ عدد من الإجراءات والمبادرات والسياسات الإصلاحية للتحول فى الطاقة من أجل تأمينَ الإمداداتِ بالطاقة الكهربائية واستدامتها وتحسين كفاءة استخدامها وفتح الأسواق أمام استثمارات القطاع الخاص في مجال الطاقة التقليدية والمتجددة، والشبكات الذكية والربط الكهربائى، بالإضافة إلي تعزيز الشفافية وتطبيق نظام الحوكمة.
وقد اتخذ قطاع الكهرباء العديد من الإجراءات للتغلب على مشكلة انقطاع التيار الكهربائى والذى بلغ ذروته في صيف 2104 حيث أمكن التغلب على هذه المشكلة نهائياً بدءً من يونيو 2015، وقد بلغ إجمالى القدرات الكهربائية التى تم إضافتها إلى الشبكة الكهربائية الموحدة خلال الأربع سنوات الماضية أكثر من 25 ألف ميجاوات وذلك بنهاية عام 2018، وبهذا أصبحت قدرات التوليد الكهربائية المتاحة كافية للوفاء بمتطلبات المستثمرين فى سائر أنحاء الجمهورية من الطاقة الكهربائية.
وتجدر الإشارة إلى أن نسبة وصول الكهرباء تصل إلى 99,7% من سكان جمهورية مصر العربية، واستكمالاً لهذا الجهد وفي إطار تنويع مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية والاستفادة من ثروات مصر الطبيعية وبخاصة مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة فقد تم بالتعاون مع أحد بيوت الخبرة العالمية وضع استراتيجية للمزيج الأمثل فنياً واقتصادياً للطاقة فى مصر (بترول ـ كهرباء) حتى عام 2035 والتي تتضمن تعظيم مشاركة الطاقة المتجددة فى مزيج الطاقة لتصل نسبتها إلى ما يزيد عن 42% بحلول عام 2035.
وقد اتسقت استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة في مصر مع استراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030) والأهداف الأممية الـ 17 للتنمية المستدامة، ويتم حاليًا تحديث الإستراتيجية طبقًا للمتغيرات الجديدة التى تتضمن أسعار الوقود، وتغيير سعر الصرف وتكاليف التكنولوجيات الحديثة، لتحقيق توازن الطاقة من خلال زيادة نسبة مشاركة الطاقات المتجددة لتصل الى 47%.
وفى ضوء تسارع الاهتمام العالمى بالطاقات المتجددة خاصة مع الانخفاض المستمر فى أسعارها وتطور التقنيات المستخدمة فى إنتاج الكهرباء منها والذى جاء متزامناً مع تزايد الاهتمام العالمى بقضايا التغير المناخى وارتفاع أسعار الوقود الأحفورى أشار شاكر إلى الإجراءات التى تم اتخاذها لتشجيع مشاركة القطاع الخاص في مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة التى تتمتع مصر بثراء واضح فى مصادرها والتي تشمل بشكل أساسى طاقة الرياح والطاقة الشمسية وقد كانت الخطوة الأكثر أهمية هي التعديلات التشريعية التى تم القيام بها لإزالة عقبات الاستثمار في هذا المجال وتعكس التزام الدولة المصرية تجاه مشروعات الطاقة المتجددة.
ونتيجة للإجراءات السابقة أصبح للقطاع الخاص ثقة كبيرة فى قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة المصرى حيث تقدم عدد كبير من المستثمرين من القطاع الخاص الأجنبى والمحلى للدخول فى مشروعات القطاع وعلى رأسها مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة حيث يتيح القطاع العديد من الآليات لمشاركة القطاع الخاص
وبناءً على ذلك فهناك أكثر من 32 مشروعًا للطاقة الشمسية من الخلايا الفوتوفلطية بمجمع بنبان للطاقة الشمسية، بطاقة إجمالية تصل إلى حوالى 1465 ميجاوات، وباستثمار يبلغ نحو 2,0 مليار دولار أمريكي، وقد تم الانتهاء من التشغيل التجارى لجميع هذه المشروعات.
وأكد وزير الكهرباء على أن مشروع المحطة النووية بالضبعة سيؤدى دوراً جوهرياً فى تنويع مزيج الطاقة فى مصر وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية ويضع مصر على عتبة تكنولوجية متقدمة تختزل سنيناً طويلة على طريق التقدم العلمى والتكنولوجى.
وقد تم إنجاز خطوات هامة في مجال إنشاء المحطة النووية المصرية الأولى بالضبعة والتي تتكون من أربع وحدات نووية بقدرة إجمالية 4800 ميجاوات بالتعاون مع الجانب الروسى، ومن المتوقع دخول الوحدة الأولى من المشروع بقدرة 1200 ميجاوات بنهاية عام 2026.
وأشار وزير الكهرباء إلى أن قطاع الكهرباء المصرى يعمل فى الوقت نفسه على تدعيم وتطوير شبكات نقل وتوزيع الكهرباء لاستيعاب القدرات الكبيرة التى يتم إضافتها من المصادر الجديدة والمتجددة والاستفادة منها.
وفى سبيل ذلك، تم تخصيص أكثر من 4 مليار دولار لإنجاز هذا الهدف، حيث تم تنفيذ العديد من المشروعات على مستوى الجمهورية في مجال الخطوط الهوائية ومحطات المحولات على الجهود الفائقة والعالية في الفترة من 2014 حتى نهاية 2018 حيث تم:
- إضافة خطوط هوائية جهد 500 كيلوفولت بإجمالى أطوال 2740 كيلومتر أى ما يفوق إجمالي أطوال الشبكة القائمة على ذات الجهد حتى عام 2014 والبالغة 2364 كيلومتر، وجارى إنشاء خطوط بإجمالى أطوال 902 كم من المتوقع دخولها الخدمة نهاية هذا العام.
- إضافة محطات محولات جهد 500 كيلوفولت بما يمثل 4 أضعاف ما تم إضافته خلال ستون عاماً مضت حتى 2014.
ويقابل تدعيم شبكات نقل الكهرباء التوسع أيضا فى شبكات توزيع الكهرباء.
وأوضح شاكر أن الشبكات الذكية تمثل نقلة نوعية فى مستقبل نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية فى الوقت الحالى، وهي تعتمد بشكل كبير على استغلال موارد الطاقة المتجددة وتحقيق الاستغلال الأمثل للكهرباء وتقليل تكلفة إنتاجها، كما تعمل على جعل المستهلك أحد الشركاء فى إدارة المنظومة الكهربائية، وتتيح له خيارات عديدة لشراء الكهرباء من أكثر من مصدر، وترتكز الرؤية المستقبلية لقطاع الكهرباء المصرى على التحول التدريجى للشبكة الحالية من شبكة نمطية إلى شبكة ذكية.
وأضاف أنه جارى العمل حالياً على إنشاء 47 مركز تحكم في شبكات توزيع الكهرباء تغطى كافة انحاء الجمهورية حتى عام 2025.
كما يجري تنفيذ مشروع تجريبى لتركيب عدد حوالى (250 ألف) عداد ذكى نطاق ست شركات توزيع، كما تم حتى الآن تركيب حوالى 8,4 مليون عداد مسبوق الدفع بشركات توزيع الكهرباء.
ويسعى قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة نحو تحسين خدمات الطاقة وتطبيق معايير الحكومة الإلكترونية وميكنة الخدمات المقدمة للمواطن من خلال الإنترنت، والإدارة الذكية لشبكات نقل وتوزيع الكهرباء.
وأوضح أن كل هذه الجهود الغرض منها الوصول في النهاية إلى منظومة متكاملة تعتمد على الحلول المبتكرة لإدارة الكشف والتحصيل على مستوى الجمهورية وتحسين خدمات الطاقة الكهربائية المقدمة للمواطن المصري،
وأكد شاكر أن الربط الكهربائي العربي الشامل يحظى باهتمام السادة الملوك الرؤساء العرب وذلك باعتباره أحد أهم المشروعات التكاملية التي تمهّد الطريق لإقامة سوق عربية مشتركة للكهرباء وقد تم اعداد دراسة الربط العربي الشامل من قبل المجلس الوزاري بمعاونة البنك الدولي والصندوق العربي من خلال ملاءمة الأطر التشريعية والتنظيمية لتوسيع التبادلات التجارية، وأشاد شاكر بكافة الجهود المبذولة فى سبيل أن يتم تفعيل هذه الوثائق والأطر اللازمة لإقامة سوق عربية مشتركة، مقدماً الشكرالشكر للبنك الدولى الذى اقترح المبادرة الجديدة (تسيير تنفيذ الاتفاقيات والإسراع في تجارة السوق خلال الفترة :2019-2024) والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي على دعمه بتحمل نفقات الخدمات الاستشارية لإعداد قواعد تشغيل الشبكات العربية، بالإضافة إلى أعضاء اللجنة التوجيهية وفريق عمل الدراسة ولجنة خبراء الكهرباء وكل من ساهم فى إعداد ومراجعة هذه الوثائق.
وأضاف أن تحقيق تكامل الطاقة علي مستوى الدول العربية يتطلب إزالة العوائق والتحديات التي تحول دون تكامل سوق الكهرباء والوصول لسوق تجارة للكهرباء والبدء في تنفيذ مراحل إنشاء السوق العربية المشتركة للكهرباء مع التركيز على فصل مشغلي نظم النقل عن باقي الأنظمة العاملة في مجال الكهرباء بما يتناسب مع سياسات كل دولة لضمان المنافسة والشفافية.
وفى نهاية كلمته أكد الدكتور شاكر علي إلتزام مصر بمواصلة التعاون مع الدول العربية والافريقية وتبادل الخبرات في جميع مجالات الكهرباء والطاقات المتجددة. متقدماً بوافر الشكر لكل من ساهم فى تنظيم هذا الحدث، ومتمنياً بأن يكون استكمالاً للجهود المبذولة من أجل تقدم أمتنا العربية بأكملها .