رحل رجل الأعمال المصري، حسين سالم ، عن عمر يناهز الـ 85 عامًا فى العاصمة الأسبانية مدريد، بعد صراع طويل مع المرض، ليدفن بجوار حفيده، هناك بحسب وصيته.
ووصف حسين سالم في عهد نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بالأب الروحي لمدينة شرم الشيخ، لأنه أول من استثمر فيها في عام 1982، فهو مالك خليجة نعمة بالكامل، بالإضافة إلى امتلاكه عدة منتجعات في مدينة شرم الشيخ كمنتجع “موفنبيك جولي فيل” أكبر المنتجعات السياحية في المنطقة.
وامتلك الامبراطور قصر كبير على أطراف هذا المنتجع على أحدث الأساليب العالمية وأهداه بعد ذلك لـ “مبارك”، ليقوم ببناء مسجد تكلفته تخطت 2 مليون جنيه خلال أقل من شهرين، عندما علم أنه “مبارك” سيقضي إجازة العيد في المنتجع الشهير.
ولد حسين سالم في 11 نوفمبر 1933 في مصر في حلوان، والده، كمال الدين، عمل مدرسا لكنه توفي بالتيفود خلال مرحلة طفولة سالم. بعد ذلك، انتقلت عائلته إلى شقة في منطقة الكوربة من حي مصر الجديدة في القاهرة.
والدته، حسنية طبوزادة (التي كانت من أصول تركية) واجهت صعوبة كبيرة في توفير حياة لأولادها من معاش زوجها الراحل، مما اضطر سالم، الابن الأكبر الذي يصغره شقيقان أن يصبح العائل الرئيسي للعائلة.
كان لديه أيضا خمسة أنصاف أشقاء من الزوجة الأولى لوالده (كانت حسنية هي زوجة أبوه الثانية) ولكنه لم يكن مسؤولا عنهم، وكان معظمهم أكبر في السن من سالم. وعلى الرغم من أنه لم يثبت ذلك، تقول المزاعم أن له أصول بدوية.
وتقول بعض المصادر ان هذه شائعة نشرها سالم متعمدا عن نفسه لمساعدته على تأمين الصفقات التجارية المستقبلية مع القبائل البدوية في جنوب شبه جزيرة سيناء.
كانت العلاقة الوحيدة المعروفة مع البدو من خلال زواج؛ فله نصف شقيقة تسمي سميحة تزوجت من قبيلة العبايدة في الإسماعيلية وسيناء.
خلال طفولته، أصيب إصابة في العين، منعته من دخول الخدمة العسكرية الإلزامية. تخرج من مدرسة مصر الجديدة الثانوية، لكنه اضطر إلى تكرار السنة الأخيرة.
في عام 1956، وتخرج من كلية جامعة القاهرة للتجارة. بعد وقت قصير من تلقيه الشهادة الجامعية، أمن له واحد من أقاربه وظيفة؛ فعمل موظفا في صندوق دعم صناعةالغزل والمنسوجات، والذي كان الرئيس جمال عبد الناصر قد أنشؤه بالقانون رقم 251 لسنة 1953 للنهوض بالصناعات النسيجية و ذلك لتعرضها لعثرات منذ الحرب العالمية الثانية.
في وقت لاحق في عام 1956، قام عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس، مما أدى إلى العدوان الثلاثي على مصر من قبل بريطانيا وفرنسا وإسرائيل. على الرغم من أن سالم كان يفضل الأسواق المفتوحة، لم تكن هناك أي إشارة منه تفيد بمعارضته لتأميم القناة، بالرغم من استياؤه من قرار عبد الناصر بتأميم حيازات كبار الرأسماليين في مصر في عام 1961.
في عام 1959، تزوج نظيمة عبد الحميد إسماعيل وانتقل الزوجان إلى شقة في منطقة غولف بمصر الجديدة. كان الإيجار الشهري 9 جنية مصري (كان الراتب الشهري لسالم 18 جنيه مصري) أول طفل للزوجين، خالد، ولد في عام 1961، وتلاه ولادة ابنتهما، ماجدة، بعد ذلك بعامين.
وفقا لأحد جيرانه في ذلك الوقت، لم يكن سالم يملك سيارة أو العديد من الكماليات ووسائل الترف بالنسبة لأغلب سنوات الستينات وأوائل السبعينيات. الحق سالم أبنه خالد بمدرسة سانت جورج، وهي مدرسة فرنسية خاصة في مصر الجديدة، وهو مستوي من التعليم اضطر سالم في كثير من الأحيان إلى الاقتراض لدفع ثمنه.
لعب حسين سالم دورًا رئيسيًا في اتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل من خلال شركة غاز شرق المتوسط التي يمتلك نصيب كبير فيها.
وطلبت مصر عقب تنحي “مبارك” عن الحكم في 11 فبراير 2011 من “الإنتربول الدولي” القبض على حسين سالم؛ للتحقيق معه في قضايا فساد، حتى ضبط يوم 16 يونيو 2011 في إسبانيا، قبل أن يتم الإفراج عنه بعد يومين من القبض عليه بكفالة تقدر بنحو 15 مليون يورو.
وأسرعت وزارة الداخلية، والأجهزة الأمنية المصرية، بالتعاون مع والنيابة العامة، وإدارة الكسب غير المشروع، ووزارة الخارجية؛ لإرسال ملف استرداد حسين سالم باللغتين الإنجليزية والإسبانية إلى السلطات القضائية بمدريد، رغم أن إعادته إلى مصر لبدء محاكمته على التهم المنسوبة إليه مسألة معقدة للغاية، كونه يحمل الجنسية الإسبانية؛ وهو ما قد يحول دون محاكمته بالقانون المصرى.
واعتبرت وسائل الإعلام الإسرائيلية القبض على رجل الأعمال حسين سالم ، بمثابة أقوى الضربات التي تلقاها الرئيس السابق مبارك منذ إطاحة الثورة المصرية بنظامه وسقوط أقوى رجال حكمه الواحد تلو الآخر، مؤكدة أن سقوط حسين سالم، يضع مبارك في وضع أكثر حرجاً، نظراً للاتهامات الموجهة ضده بالاشتراك مع صديقه المقرب حسين سالم في قضايا فساد مالى وإهدار لأموال الدولة، بجانب اشتراكه في تصدير الغاز المصري لإسرائيل بأسعار منخفضة، وفقاً للاتهامات الموجهة لمبارك. و قد اعترفت إسرائيل مؤخرا بان حسين سالم يحمل جنسيتها.
وفي فبراير 2014، قضت المحكمة الدستورية العليا في إسبانيا بإلغاء جميع قرارات تسليم رجل الأعمال حسين سالم، ووضعت المحكمة في اعتبارها طلبات “سالم” برفض تسليمه بسبب ما أسماه “الوضع الثوري في البلاد، والتغيرات التي حدثت في مصر عقب تغيير القيادة التي تحكم البلاد، والاضطرابات التي تحدث في مصر”.
وعقب رفض القضاء الإسباني طلبات السلطات المصرية بتسليم حسين سالم ونجليه إلى مصر، تم إجراء تعديلات قانونية في عام 2015 على قانوني الإجراءات الجنائية، والكسب غير المشروع؛ تجيز التصالح في قضايا العدوان على المال العام، وتضخم الثروة بطريقة غير قانونية، ليبدأ مشوار التصالح مع “سالم” وغيره من رموز نظام مبارك.
ومع إعلان التصالح مع “سالم”، نظير تنازله عن 75 في المئة من إجمالي ممتلكاته وممتلكات عائلته داخل مصر وخارجها، وهو ما تتجاوز قيمته خمسة مليارات جنيه مصري، أي حوالي 600 مليون دولار أمريكي، وبعد تسديد المبالغ المستحقة للتصالح؛ بات لزامًا عليه الحصول على قرارات نصها “ألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضده” أو “البراءة” في إعادة محاكمته في القضايا المتهم فيها ونجلاه، حتى تغلق ملفاتها تمامًا.