حرب إريتريا وإثيوبيا
تعيش إثيوبيا حالة من التوتر والقلق ليس فقط الآن، ولكن عبر التاريخ، فقبل ما يقرب من 29 عامًا كانت مناوشات الحرب الأهلية مندلعة هناك حتى استطاعت إريتريا أن تحقق مبتغاها وتنفصل عن إثيوبيا وتؤسس لدولة منفردة عن حكومة ونظام أديس أبابا، وتعلن استقلالها بدءًا من عام 1993.
الحقيقة.. أن عاشت البلدان في الفترة ما بين عامي 1961 و1991، واحدة من أسوأ حروب القارة السمراء، لمدة ثلاثة عقود بين قوات الحكومة الإثيوبية والانفصاليين في إريتريا، واستمرت الحرب إلى أن انفصلت إريتريا عن التبعية لبلاد الحبشة في عام 1993.
ورغم ذلك، إلا أن المشكلات بين البلدين والعداء بصورةٍ مطردةٍ، ظل قائمًا قبل أن تندلع حربٌ أخرى بين الجارتين من جديدٍ عام 1998، واستمرت لعامين حتى نهاية النصف الأول من عام 2000، وانتهت على وقع اتفاقٍ رعته الجزائر في ديسمبر 2000 الذي نصّ على إعادة ترسيم الحدود بين البلدين، وحظي برعاية الأمم المتحدة، لكنه لم يسهم حقيقة في حل النزاع والمشاكل الحدودية العالقة بين البلدين.
ولكن مع حلول عام 2015، امتنعت أديس أبابا المثيرة للمشكلات والأزمات عن تسليم بلدة بادم إلى إريتريا، ورفضت سحب قواتها من البلدة، طبقًا للاتفاق الموقع قبل خمسة عشر عامًا.
انتفاضة الأورومو.. أبي أحمد كان صدمة!!
ينتمي أبي أحمد إلى جماعة وقبيلة الأورومو في إثيوبيا، والتي تحتل النصب الأكبر من الجماعات والقبائل ضمن السكان إذ تمثل نحو 34% من سكان الدولة، بما يتجاوز نحو الـ 50 مليون نسمة،
عرقية الأورومو كانت سببًا في أن تشهد المزيد من المشكلات والأزمات في إثيوبيا، بسبب اضطهاد النظام الحاكم في أديس أبابا لها قبل عام 2016، حيث الاعتقالات والتنكيلات والسجون والتعذيب وأبشع عمليات القتل والاختفاء القسري، فضلًا عن نزع مليكة الأراضي عنوة وظلمًا وطغيانًا وبطشًا لبناء مشروع سد النهضة الإثيوبي.
ومع وصول أبي أحمد الذي ينتمي إلى هذه الفئة إلى سدة الحكم في 2018، ظنت القبيلة أنها ستكون في رغد من العيش، لكن كانت الحقيقة الصادمة، لم ينصفهم أبي أحمد أبدًا في قضاياهم، ولم تكف الاضطهادات ولم تتراجع عمليات التنكيل، بل على العكس تمامًا زادت حدتها من التهميش والقتل العشوائي.
تصاعدت احتجاجات الأورومو من جديد، مناهضة للحكومة، واتسعت رقعة المظاهرات لتشمل الحقوق السياسية وحقوق والإنسان، وارتفع أيضًا تعداد القتلى إلى المئات والاعتقال إلى الآلاف حتى وصل إلى 5000 معتقل حتى الآن في سجون إثيوبيا، وتنوعت الجرائم بين اغتصاب وعنف وقتل واختفاء، وانتشر الفقر وحرموا من التنمية في المناطق التي يقطنون بها، ما أدى إلى ارتفاع نسبة الفقر بها إلى 80%، وطمست هويتهم وحرموا من التعليم.
تيجراي تبحث عن الانفصال
على مدار أكثر من عام مضى، يبحث سكان إقليم تيجراي في إثيوبيا عن الانفصال عن إثيوبيا، وبحسب تقارير إعلامية دولية وحقوقية، فإن سكان الإقليم لا يريدون أن يكونوا تحت مظلة حكم وصفوها بـ”الأعداء-الفاشلين”، اعتراضًا منهم على سياسات النظام الحاكم في أديس أبابا.
وبدأت سكان الإقليم في دعم قوات جيشهم “قوات جبهة تحرير تيجراي”، مطالبين بردع الأعداء والاستقلال بأنفسهم.
تهديدات قوات تيجراي وصلت إلى التفكير في التحالف العسكري مع جيش الأورومو، جيش أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا من حيث عدد السكان، الأمر الذي وضع جيش حكومة أبي أحمد في موقع صعب، واضطرته إلى إعلان حالة الطوارئ، ودعوة السكان إلى حمل السلاح والتعاون مع جيشه لصد الزحف العسكري لقوات تيجراي وأورومو التي أعلنت الاستيلاء على بلدة كومبولشا ومطارها في أمهرة، التي تقع على بعد 380 كيلومترًا شمال العاصمة الإثيوبية، ومدينة ديس الاستراتيجية، بلدتي كيميس وسينبيت.
أمريكا تحاول الضغط وتدعو لمفاوضات غير مشروطة بين الأطراف
لم تمر ساعات على دعوة السلطات الإثيوبية سكان العاصمة لحمل السلاح، تزامنًا مع معارك عنيفة في محيطها، وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلغاء المعاملة التفضيلية في التجارة لإثيوبيا، بسبب انتهاكات الحقوق في حملتها العسكرية على إقليم تيجراي المضطرب، وسط دعوات للجميع بوقف الأعمال العسكرية وبدء مفاوضات غير مشروطة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ووقف الدم في إثيوبيا.