اعترافات ليالي الشتاء
في إحدى ليالي الشتاء العنيدة، منذ زمن بعيد مضى، وفي هذا الركن النائي، وبينما طيش الصبا كان قد لازمنا حتى بكر الشباب، وما زالت تصرفاتنا لا تناسب أحجامنا، كانت حورية، ألقاها القدر في طريقي، قادها حظها العاثر أن تصطدم بي، دون أن أدري أو تدري هي..
كنا طائشون في ذلك الوقت.. كان كل من أًصدقائي لديه مجنونته، إلا أنا، حتى جاءت هذه اللحظة، في ليلة شديدة البرودة، من آواخر يناير الممطر، أتذكر حتى الموعد، 24 يناير 2014، وقد تجاوزت الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل، وبتنهيدة سحبت روحي عبر الهاتف، بعد حديث طويل، نوهت إلى قرارها.
كان قلبي قد لامس ما ترغب أن تقوله.. صوت دقات قلبها، عبر من الهاتف إلى قلبي، فارتعشت أنا الآخر.. ما هذا؟، هل جننت؟، أم أصابني الخلل؟، جمعت قواي، وتمالكت أعصابي، وطلبتها أن تتحدث بدون خوف، أخبرتها أني أشعر بما تريد أن تقوله، فحل الله عقدة لسانها ونطقت أخيرًا – أحبك – زاد جسمي رعشته، ولم تقدر أناملي على حمل الهاتف، فاستجاب قلبي لها، ونجتني من الكرب الذي كنت فيه.
اقترنا سويًا، وكأننا وُلدنا من رحم واحد، وفي آن واحد، كنا نشعر بلمسات نسماء الهواء، كمتلازمين، كان أبي يوصيني إياها دومًا، كانت قصة لا تشبه التي حولنا، أصحابي يتسامرون مع خليلاتهن ليلًا، ونحن نقضيه في رسم المستقبل، ومرت الأيام، وأملت الحياة قوانينها، وفرضت أحكامها، وقضت بالرفض، وحالت بيننا، وكأن ساحرًا أمسك بخيوط دنيانا وحركنا في طُرق عكس بعضها البعض، حاولنا العناد، لكن الفرض والقدر المحتوم كان أقوى، حتى أننا لم نكن نعرف ما الذي كنا نفعلها تجاه بعضنا البعض؟، ولماذا؟، وكيف أصلًا؟.
صار ما صار، وجرى ما جرى، وماتت جوارحنا، لم يمت حبنا حتى الآن، رغم أن المستحيل وضع كلمته، وأملاها علينا، وزينها بصك لا رجعة، لكن لربما ما زال الحب عارمًا يخترق الزمان، لربما نتواصل روحانيًا في الخيال، بحنين شفاف وقادر على هز الروح.. ليُعاود السؤال مرة أخرى، هل جننت؟.
اعترافات ليالي الشتاء