العالم من الطاعون إلى كورونا
حنان أمين سيف
تعرض العالم على مدى قرون الى عدة اوبئة، كانت تنهى حياة الآلاف من البشر بعد اصابتهم بالاوبئة، مما جعل الدول
تفرض حظر على مواطنيها وتعزل من تم اصابتهم فى مكان منعزل عن الاشخاص الاخرين، و تترقب بخوف ما
يحدث وذلك لزيادة اعداد الاشخاص المصابين.
وبدون سابق انذار ابتليت دول العالم بفيروس ليس له دواء، والذي عرف بكورونا او ما سمي فيما بعد كوفيد 19،
وبالرغم من انه فيروس ضعيف بالنسبة الى ما تعرضت له دول العالم من اوبئة سابقة، لكنه يعتبر اخطرها لسرعة
انتشاره، والاشخاص الذين يصابون بالفيروس اغلبيتهم يفارقون الحياة خلال ايام قليلة، وذلك لعدم التمكن من ايجاد
علاج يقضى على الفيروس القاتل.
ورغم تعرض العالم للعديد من الأوبئة والأمراض الخطيرة إلا أن فيروس كورونا المستجد اختلف عن كافة الأوبئة
والفيروسات التي ظهرت من قبل، فقد جاء الانتشار السريع والمباغت لفيروس كورونا، وحصده لآلاف من أرواح
الناس في كافة دول العالم المتقدمة والنامية، مما ادى إلي اغلاق كل دولة حدودها على نفسها بل وعزل مدن
ومقاطعات وولايات دخل الدولة الواحدة عن بعضها.
كورونا المستجد هكذا يطلق عليه نظرا لظهوره سابقا فى عام 2012، وعرف وقتها باسم متلازمة الالتهاب الرئوى
الحاد وحتى الان لا يوجد علاج محدد لفيروس كورونا الذى ظهر ويهدد حياة الاشخاص فى جميع انحاء العالم،
ومن المعتقد أن يكون فيروس كورونا، اشد خطرا من الفيروسات التى ظهرت فى المائة عام الاخيرة، لان الشخص
المصاب يستغرق عدة ايام حتى تظهرعليه اعراض الاصابة بالفيروس، ومن اعراضه سيلان الأنف، والتهاب
الحلق، وربما الصداع والحمى، التي قد تستمر لبضعة أيام.
كما ان الاشخاص الذين يتوفون لاصابتهم بفيروس كورونا، يتم دفنهم فى اماكن منعزلة ولا يحضر من ذويهم
احد، لالقاء النظرة الاخيرة عليهم ووداعهم واقامة صلاة الجنازة فى المسجد، بل يقومون بصلاة الغائب فقط ولا
يستطيعون زيارة قبرهم.
كورونا اثرت على العادات الاجتماعية التى ورثها الاشخاص عن اجدادهم، فاصبح الزواج و العزاء، لا يختلفان
عن بعضهما فكثير من الأسر اضطرت إلى اقتصار حفلات الزواج على عائلتي الزوجين إما عقد القران وذهاب
الزوجة إلى بيت زوجها، أو التأجيل لحين القضاء على الفيروس، والعزاء ايضا اصبح مقتصرا على المقابر أو على
نطاق ضيق في المنازل، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، وذلك بعد منع التجمعات للحد من انتشار الفيروس بين
الاشخاص، فماذا سيحل بالعالم من تداعيات سيئة جراء ذلك الفيروس اللعين.
كورونا لعنه حلت على دول العالم، وتسبب فيروس كورونا في غلق بيوت الرحمن في غلق المساجد، خوفا من
انتشار الفيروس بين المصلين، ولأول مرة في التاريخ يغلق المسجد النبوي منذ إنشائها بعد، هجرة رسول الله صل
الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، أغلق الحرمين وتوقف الطواف حول الكعبة، كل هذا والعالم العلماني لا يقر أنه
غضب من الله وابتلاء لعباده المؤمنين ليردهم اليه ردا جميلا، فهل نعود إلى الله، الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه
الحكيم ” وإن عدتم عدنا” فأن عدنا إلى الله عاد سبحانه وتعالى الينا فهل نتوب إلي الله.
هناك تسلسل تاريخى للاوبئة والفيروسات التى ظهرت فى العالم وهى:
الطاعون الأسود انتشر فى اوروبا فى عامى 1348 و 1349، والذي تسبب فى وفاة اكثر من 20 مليون شخص،
وذكرت دراسة صدرت عام 2018 ان سبب انتشار العدوى هم الاشخاص نفسهم وليس بسبب الفئران كما كان مشاع
وقتها.
طاعون لندن العظيم انتشر فى عامى 1665 و 1666، فى لندن وسبب انتشار الطاعون هى جرثومة قام العلماء من
معرفة جيناتها من خلال استخراج أجزاء دقيقة من الحامض النووي للبكتيريا من أسنان جثث من العصور الوسطى
عثر عليها في لندن، وتوفى اكثر من 100 ألف شخص وهو ربع عدد سكان المدينة حينئذ.
مرض الطاعون انتشر فى عام 1720، فى مدينة مرسيليا الفرنسية، وتسبب فى وفاة 100 ألف شخص فى عشرة
ايام، وتسبب فى نشر الوباء السفينة “سان أنطونيو الكبير”، وذلك لان القطن والحرير الموجودين على ظهر السفينة
تحتوي على جرثومة اليرسين المسببة لوباء الطاعون، وتفشى الوباء بسبب الاهمال بالرغم من وجود الاجراءات
الامنية.
الحمى الصفراء انتشر الوباء فى عام 1793، بمنطقة فيلادلفيا الأمريكية وتسبب في مقتل حوالي خمسة وأربعين
ألف شخص.
وباء الكوليرا انتشر فى عام 1820، وتسبب فى القضاء على الكثير من الاشخاص وقد ظهرت في مدينة كالكوتا
في الهند ومنها انتشرت في جنوب آسيا وبلغ عدد الضحايا أكثر من 100 ألف شخص، كما وصل وباء الكلوليرا الى
الشرق الأوسط وساحل البحر الأبيض المتوسط والصين.
طاعون منشوريا انتشر فى عامى 1910 و 1911، وظهر فى منطقة منشوريا في الصين وقتل حوالي 60 ألف
شخص.
الإنفلونزا الإسبانية انتشر فى عام 1918، وتسببت فى وفاة 50 مليون شخص، وسبب اصابة هذا العدد الكبير من
الاشخاص هو ان الفيروسات كانت لا تزال حديثة الاكتشاف ولم يكن الاطباء قاموا باكتشاف ادوية مضادة للفيروسات
واللقاحات التى تساعد فى القضاء عليها.
فيروس سارس انتشر فى عام 2002، وهو من الاوبئة الاشد خطورة وفتاكة للانسان، وذلك لانها تصيب الانسان
بصعوبة التنفس والتهاب حاد في الرئة، وظهر فى الصين وتبين ان سبب ظهور هذا الفيروس هو الخفافيش، ثم انتقل
بسرعة إلى دول جنوب شرقي آسيا، كتايلاند وكمبوديا.
إنفلونزا الطيور انتشر فى عام 2003، وتسبب بوفاة اكثر من 400 شخص، دول عربية على رأسها المملكة
العربية السعودية، وبسبب انعدام النظافة، وقيام المواطنين بتربية الدواجن بالقرب من الاحياء السكنية في آسيا تفشى
الفيروس بشكل كبير، كما استهدف عددا كبيرا من الدواجن فى فرنسا.
إنفلونزا الخنازير انتشر فى عام 2009، وكانت بداية انتشاره فى المكسيك، وهى من اخطر الفيروسات الذى
تعرض لها العالم، حيث يتمتع بقدرة تغير سريعة، وتسبب هذا الوباء فى وفاة 18 الف شخص وذلك حسب ما اعلنتة
منظمة الصحة العالمية.
وباء أيبولا انتشر فى عام 2013، وكانت غينيا هى مصدر الوباء وسريعا ما اتشر حتى وصل الى ليبيريا
وسيراليون، مما ادى الى وفاة حوالى ستة الاف شخص، وظهر أيبولا مرة اخرى فى جمهورية الكونغو الديمقراطية
فى عام 2018، وتسبب فى وفاة اكثر من 2200 شخص.
وباء زيكا انتشر فى عامي 2013و 2015، فى حوالى 23 دولة في القارة الأمريكية، وكان الاطفال حديثى
الولادة هم الاكثر عرضه للاصابة بفيروس زيكا، وكان نوع من البعوض في البرازيل هو سبب انتشار هذا الفيروس،
حيث تم اصابة 1.5 مليون شخص بعد تعرضهم الى لسعة “البعوضة الزاعجة”.
واخيرا تعرض العالم فى عام 2020، الى انتشار فيروس الكورونا المستجد، الذى يهدد العالم ظهر بمدينة ووهان
الصينية، وثبت ان مازال العلماء ينقصهم الكثير من التجارب العلمية، وان لافرق بين الغنى والفقير فالجميع عندما
يصاب بالكرونا يكونوا سواسية يتم عزلهم بنفس الطريقة دون تفرقة، وصلنا الى يوم لا ينفع فيه مال ولا منصب ولا
وساطة.
فمن المؤكد ان التاريخ يعيد نفسه كل مائة عام، ولا يوجد سبب محدد لانتشار هذه الفيروسات فى العالم، هل هناك
منظمة معينة وراء انتشار هذه الفييروسات، ام انه مجرد بكتيريا تظهر من وقت لاخر لكى تقضى على الاشخاص.