إن التعايش مع أزمة كورونا أمر لا بد منه، هذا التعايش يقتضي توجيه كل الطاقات للإنتاج بكافة أشكاله، وفي كل القطاعات الاقتصادية، وبعيداً عن السياسات المالية والنقدية التي قدمها الخبراء للعبور من تلك الأزمة، من تأجيل تحصيل بعض أنواع الضرائب وزيادة الانفاق العام وتخفيض تكلفة رأس المال وتطبيق شبكة الأمان الاجتماعي، وهي خطوات اتخذت الحكومة المصرية الكثير منها وخصوصاً زيادة الانفاق العام وتخفض تكلفة رأس المال، إلا أنه وبعد أكثر من ثلاث أشهر من التوقف الجزئي للاقتصاد والشلل الذي أصاب العديد من الأنشطة الاقتصادية، يأتي اجتماع مجلس الوزراء الأربعاء الماضي لا ليحفز عودة النشاط الاقتصادي بصورة تامة مع اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية،ولكن لفرض مزيد من الأعباء على المواطنين، وقبل أن ينسى المواطنين قانون مجلس النواب باستقطاع نسبة 1% من مرتبات العاملين في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام والقطاع الخاص ممكن يتخطى صافي رواتبهم أكثر من 2000 جنية وخصم 0.5% من اصحاب المعاشات ممن يتخطى صافي معاشهم الشهري 2000 جنية، لمواجهة تداعيات كورونا، ينتهى اجتماع مجلس الوزراء ليقرر فرض مبالغ لجدية التصالح تسدد حتى نهاية سبتمبر من العام الحالي، وبعيداً عن المبالغ التقديرية المبالغ فيها لجدية التصالح والتي أعاد رئيس الوزراء تعديل المبلغ ليكون بنسبة 25% من قيمة التصالح. وبدلاً من أن تتوسع الحكومة في الانفاق تتوسع الحكومة في تحصيل الرسوم، وفي انكماش الاقتصاد المصري.
لقد بالغت الحكومة في مشروع الموازنة العامة للدولة في تقدير حجم الإيرادات العامة بنحو 1288.8 مليار جنية ومنها تقديرات ضرائب ب 964.7 مليار جنية. وتلك التقديرات نتيجة لاستمرار جائحة كورونا لن تستطيع الحكومة تحقيقها، فلجأت الحكومة لمثل تلك الإجراءات الغريبة، دون أن توضح لنا أين ستذهب تلك الاموال المحصلة من التصالح ودون أن تراعي أن المتقدمين للتصالح قد سبق وصدر لهم قرارات ازالة وبعضها نفذ وهناك قضايا في المحاكم وقضايا أخرى تم الحكم سواء بالبراءة فيها أو بالتغريم لصاحب المنزل.
ويأتي تأكيد رئيس الوزراء أن “عدد المتقدمين للتصالح في مخالفات البناء بلغ نحو 325 ألفا، مؤكدا أنه في حال عدم قيام أي مخالف بسداد قيمة جدية التصالح، فسيتم إزالة مخالفته على الفور” ربما كان المتقدمين للتصالح على امل أن يتم تقسيط مبلغ التصالح لتقنين اوضاعهم، الحيز العمراني للعديد من المناطق التي اصحبت بحكم الواقع تجمعات سكنية غير موجود، بعد توقف النشاط الاقتصادي في الاشهر الثلاث الماضية وأمام حالة الضبابية في الشهور التالية، يصبح عدم اقبال المتصالح على سداد مبلغ جدية التصالح أمر متوقع، فهل هذا وقت جدية التصالح أم وقت تشجيع الجميع على العمل واستثمار المبالغ التي لديهم في توليد دخول جديدة؟؟ ظني أن ما حدث هو أحدى سقطات الحكومة الحالية ومد مهلة سداد جدية التصالح ربما يكون مخرج لها.