«أنت حر ما لم تضر».. هذه المقولة التي كانت وما زالت إحدى الدروس الأولية في تعليم الصغار مهما تغيرت الأماكن والأزمان والعصور، كانت درسًا تعلمناه صغارًا، وأصبح يلازمنا قولًا ونادرًا كفعل عندما كبرنا، لا أحد يبالي بضرر الآخر طالما هو يستفيد، إلا من رحم ربي.
اليوم.. الرئيس السيسي وضع يده على الجُرح، «مش هنتحايل على حد.. والتعامل بكل حزم مع مغتصبي أرض الدولة»، التصدي للضرر لا يحتاج محايلة أو صبر أو خضوع وتراجع، يحتاج لحزم وحسم طالما أن المُضِر لم يبال بالمضرور به.
الجميع دون استثناء يعي جيدًا حجم الكارثة، وحجم التحديات التي تواجهها مصر في الآونة الأخيرة، ولا سيما أزمة سد النهضة وقضية الأمن القومي الذي أكد الرئيس السيسي أنها «قضية أمن قومي»، والحقيقة هو أصاب التعبير صِدقًا، فلا تعبير يليق بما يمس حياة وأمن وأمان المصريين سوى أنه أمن قومي.
بما أنني واحدًا من أبناء الريف المصري، دعونا نكشف الستار ونتحدث بجرأة، هناك الكثير يلتزم بالحلال والحرام والذهاب إلى المسجد في الصلاة لجماعة، لكن هم أول من يخترقون الحلال ويدخلون الحرام، كم منهم من يلتزم، ومن منهم مثلًا لم يجاور منزله النيل وحافظ عليه، الجميع فاسد لا استثني أحد، فالتعدي ليس فقط تعديًا بمد جسور لبيوت ومنازل وممرات وقاعات أفراح ودور مناسبات وكافيهات وغيرها مما يخطر على بالك الآن، إلى مياه النيل حتى أصبح عرض النيل منتهكًا حجمًا وسلوكًا، لكن الأمر وصل حتى إلى إلقاء المخلفات والقمامة والحيوانات النافقة في المجاري المائية لمياه النيل وفروعه من الترع وغيرها.
لا يمكن أن نتخيل أبدًا أن الدولة التي تُلام طوال الوقت وهي موضوع النظر والفحص والنقد والانتقاد والهجوم أحيانًا حتى من غير أصحاب الخبرة أن تتحمل هذه السلوكيات وهذه الثقافات التي لا يجب أن تخرج أبدًا من بيوت أجزم أنها لم تخل من العلم الآن، لكن لربما نحتاج إلى محو أمية ثقافية بعيدة عن تلك الأمية التي نعرفها، ولا يمكن أن نتخلى أبدًا عن الحسم والحزم في مواجهة هذه التعديات الصارخة على مياه النيل.
دعونا نفتح ملفًا آخر عن التعديات وهذه المرة ليست عن تعديات على نيل أو رقعة زراعية تُحول من أجل مشروع استثماري، هذه المرة تعديات على الطريق، هذا الملف الذي يحتاج إلى جرأة صادقة وقوية وحاسمة حازمة أيضًا، فلا يمكن أن نتخيل شارع عرضه أكثر من 50 متر مثلًا يتحول إلى 25 متر “رايح – جاي”، وعند الحديث عن هذا الملف الشائك، نجد من يتحايل على ذلك بحجة قطع الأرزاق، سيدي الفاضل لديك محلك ومشروعك الخاص، ما الحكمة في أن تكون متعدًا على حرمة الطريق وأن تذهب لآداء كل فريضة في المسجد؟، سيدي الفاضل أنت لست من الباعة الجائلين لتتحدث عن قطع الأرزاق.
الخلاصة.. نحن بحاجة إلى تطبيق هذا الذي تحدث عنه الرئيس بأنه لا تحايل ولا وساطة ولا محسوبية والقضاء على هذا الفساد الكارثي الذي يتعدى على حقوق المواطنين والمارة.