واحدة من أبشع استخدامات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا، هي تنمية روح العنصرية والتشدد التي هي بمثابة تطرف قاتل يهدد الأمن القومي للمجتمع، ويحتاج إلى قانون أخلاقي يُزرع في كل منزل وأسرة.
لا تخلو صفحات التواصل الاجتماعي من شخص مثلًا يدوّن كل يوم عبارة ينبذ فيها التطرف والعنصرية، وفي نفس الوقت تجد حسابه مليء بالتناقض عندما يسب نادٍ آخر، أو يذم شخصًا، أو حتى يعيب فيه “طباعًا وخُلقًا وخَلقًا”، يردد كلمة “فلاح” على أنها سُبّة، وكلمة صعيدي على أنها رمز للغباء، ولا غبيٌ سواه.
هذا النوع من العنصرية المليئة بالسباب والتخلي عن الأخلاق ليست الألوان الوحيدة الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي، فصادفني وليس لأول مرة انتشار منشور مضمونه: “ما تتجوزيش من الأرياف – ما تتجوزيش من الصعيد – ما تتجوزيش في بيت عيلة”، وما يزيد الطين بلة أن التعليقات والمشاركات كلها سخرية لا تدرك السخرية والمصيبة الكبرى مما نحن فيه…
في الحقيقة أن هذه الدعوات المسمومة لا ترتقي أبدًا لأي أخلاق، ومن المؤكد أنها خرجت من شخص لا يعرف معنى الخُلق، ولا يعرف معنى بر الوالدين، ولا يعرف مفهوم الآية: “يا أيها الذين ءامنوا لا يسخر قومٌ من قومٍ..”.
للأسف بالتحديد في نقطة الزواج والاشتراط على الزوج أن يترك أهله بحجة الحرية وحق الزوجة في الاستقلالية بأن يتخلى الزوج عن أناس عاش هو في كنفهم وتربى من لحم كتفهم، أصبح ذلك هو النهج السائد، وواحدة من العقد التي توضع في المنشار، ناهيك عن تلك الشروط التي من شأنها “الفشخرة الكذابة” كما يقولون لكنها ليست موضوعنا الآن، وفي الوقت نفسه الزوجة أو الأسرة التي تشترط على المتقدم للزواج هذا الشرط ومع تشجيع هذه الدعوات هم أنفسهم من ينبذون أن يُشترط هذا الشرط على ولدهم.
المصيبة أكبر من ذلك، لأنه لا أحد يعي أنه لا خير فيمن لا خير له في أهله، فذاك الذي استطاع أن يرفص أهله بقدميه إرضاءً لهذا الشرط، لا خير فيه، ومن الممكن أن يرفص زوجته هي الأخرى، وإما سيكون عبدًا ذلولًا لها، نحن نسير بسرعة الصاروخ لكن هذه المرة ليس نحو الفضاء ولكن نحو القاع الأسود.
للأسف الباب مفتوح ولا نهاية لتُكتب سوى أننا بحاجة إلى إعادة تأهيل أخلاقي ونفسي وديني من جديد.