استمر السجال بين فاطمة وهاشم رغم خطبته، وكانت فاطمة على مشارف إنهاء خطتبها التي لم تستمر طويلًا، والتي أيقنت أنها لن تكون سعيدة بالمرة، رغم فقدانها الأمل في هاشم.. وكان قرار الإنهاء بحثًا عن سعادتها فقط لا غير، كانت جرأة منها.
أما هاشم فكعادته السيئة وحساباته الخاطئة طوال الوقت، استمر في خطبته رغم شكوته لفاطمة من سوء طباع خطيبته، وخشيته من كونها تسئ إلى مظهره.. بل كان على وشك الانتهاء منها مرتين، إلا أنها – على حد قوله – تهرول باكية له متمسكة به مشبعة ذلك الشيطان المُسمى بـ “الأنا” داخله.
لم تحاول فاطمة أن تتدخل في الأمر، تركته للقدر الذي حسم ذلك بزواج هاشم بتلك الفتاة، والغريب أنه وحتى يوم زواجه يحدّث فاطمة ويرغب في رؤيتها، وكان الزواج في يوم شديد المطر، جو غريب، “عواصف وحوادث وحرائق” وصلت لحريق بالقرب من قاعة الزفاف نفسها، ليلة حزينة، وكأن الطبيعة ترفض هذا الأمر، متعاطفة ومساندة لحزن فاطمة.
في تلك الأثناء.. ظهر في حياة فاطمة فتى وسيم، “أحمد” أشقر الذقت والشعر، طويل، متحدث لبق، لاحظ حزن عيناها، وسألها عنه، فأجابت “خدعني هاشم”، بكت، وظل هو صامتًا منصتًا لها، تركها تسكب ما بداخلها، وما كان منه إلا بعدها بيوم يطلب رؤيتها للأهمية، ذهبت إلى لقائه ومازالت حزينة موجوعة القلب، وإذا به يُخرج خاتمًا من الفضة، مُهديًا إياها ولسان حاله “عسى أن يخفف ذلك الاهتمام عنك ما فعله ذلك الشقي بك”، كيف تصف فاطمة في تلك اللحظة، وقد حارت الكلمات في ذلك، ما بين امتنان وسعادة، وبُغض لهاشم، وشكر لله الذي يرزقها بمنٍ يسندها في ذلك الوقت، وكل وقت.
هنا.. بدأت فاطمة تُدرك أشياء لم تكن تراها كقيمتها، وما تستحق، وأنها في محبتها لهاشم كانت لا تحبه لشخصه، ولكن ظنًا منها أنه هو الشاب الذي تبحث عنه وما زالت، ذلك الفتي “قسيم الروح” فاتن القلب والعقل.. ولم يمر على تلك اللحظة الكثيرة، وكانت قد تعلقت بأحمد رغم علمها وفي قرارة نفسها أنه مساعدة الله إليها؛ لتخفيف عن صدمتها من هاشم الذي بعد زواجه بأسبوع، هاتفها وللصدفة أنها كانت مع أحمد.. للحديث بقية.