تداول الأسهم هو أحد أنواع الاستثمار الذي ينطوي على شراء أو بيع أسهم الشركات المُدرجة في البورصة بهدف تحقيق أرباح عن طريق الاستفادة من تغيرات الأسعار. الفكرة بسيطة للغاية. يستهدف المتداول الشراء من أدنى سعر ممكن والبيع عندما يصل سعر السهم إلى أعلى نقطة تحددها توقعاته.
يُشير تعريف الاسهم في جوهره ورقة مالية تُعطي لحاملها الحق القانوني في الحصول على نسبة من أرباح الشركة، والتصويت على قرارات مجلس الإدارة، وكذلك الحصول على نسبة من أصولها في حالة البيع أو الاستحواذ أو التصفية.
ومن ناحية أخرى، يمثل سوق الأسهم الملاذ الذي تلجأ إليه الشركات العامة لجمع الأموال بدلاً من البيع المباشر لمستثمر رئيسي من خلال الصفقات الخاصة. تبدأ الشركة في بيع أسهمها في البورصة من خلال ما يطلق عليه الطرح العام الأولي في السوق الرئيسية، وهي خطوة تنقل وضعها القانوني من الملكية الخاصة إلى شركة عامة، أو مزيج بين هذا وذاك. بمجرد أن يبدأ التداول في السوق الثانوية، بعد انتهاء مرحلة الطرح الأولي، يتحرك سعر السهم صعودًا وهبوطًا بناءً على تقييم المستثمرين للسهم خلال جلسة التداول. تلجأ أيضًا بعض الشركات المدرجة إلى طرح أسهم إضافية بغرض توسيع نطاق أعمالها أو توفير السيولة اللازمة لتمويل العمليات الحالية.
أنواع تداول الأسهم
يمكن النظر إلى تداول الأسهم من زوايا عديدة تعتمد على منظور الاستثمار والفترة الزمنية التي يعمل في إطارها المتداول، بالإضافة إلى عوامل أخرى. بشكل عام يمكن تقسيم التداول وفق المعيار الزمني وأهداف الاستثمار إلى:
التداول على المدى القصير
يتداول المستثمر هنا على أطر زمنية صغيرة، ويستهدف بالأساس تحقيق مكاسب سريعة من خلال شراء وبيع الأسهم خلال فترة لا تتجاوز بضعة أسابيع أو حتى أيام. ويمكن تقسيم هذه الفئة أيضًا إلى فئات فرعية، فهناك المضاربين الذين يستهدفون تحقيق أرباح صغيرة من خلال البيع والشراء في نفس الجلسة. هناك أيضًا “متداولي الأخبار” والذين يدخلون السوق قبيل وقوع أحداث هامة مثل إصدار تقارير الأرباح أو تحسبًا لبعض التغيرات المرتبطة بالاقتصاد الكلي، مثل قرارات الفائدة للبنوك المركزية.
التداول على المدى الطويل
يتبنى المتداول هنا آفاقًا بعيدة لمنظور الاستثمار، حيث يشتري السهم بغرض الاحتفاظ لفترات طويلة قد تصل إلى عدة سنوات. يعتمد قرار الاستثمار في هذه الحالة على تحليل دقيق لأوضاع الشركة وتدفقاتها النقدية والسوق الذي تعمل به، بالإضافة إلى تأثير حالة الاقتصاد الكلي على إيراداتها وأرباحها المستقبلية. يلجأ هؤلاء عادةً إلى بناء محفظة استثمارية تستمر لفترة طويلة مع إجراء “إعادة توازن” لمكونات المحفظة وفق ما يستجد من ظروف في نهاية كل عام، أو حتى على أساس ربع سنوي.
أنواع الأسهم
تُصنف الأسهم على أساس مجموعة واسعة من المعايير. على سبيل المثال، يجري عادةً تقسيم الأسهم على أساس القطاع الاقتصادي الذي تنتمي إليه الشركة، لذا قد تسمع عبارة أسهم قطاع البنوك، أسهم قطاع التكنولوجيا، أسهم القطاع العقاري، إلخ.
هناك أيضًا تقسيمات بحسب القيمة السوقية للسهم، لذا ستسمع مصطلحات مثل:
- أسهم الشركات القيادية: وهي الشركات المدرجة التي تمتلك رؤوس أموال ضخمة وتستحوذ على نسبة معتبرة من إجمالي قيمة التداولات أو تشغل وزنًا نسبيًا مؤثرًا ضمن مؤشر الأسهم الذي تنتمي إليه. في هذا السياق، تتوزع باقي الأسهم على ما يطلق عليه الشركات المتوسطة والصغيرة.
- أسهم الشركات الرخيصة (Penny stocks): وهي شركات ربما لا يتجاوز سعر أسهمها بضع سنتات، لذا تكون عُرضة لتقلبات حادة للغاية. تتداول هذه الأسهم عادةً عند سعر أقل من 1 جنيه إسترليني في بريطانيا أو 5$ في الولايات المتحدة.
- أسهم النمو: وهي الأسهم التي يرتفع سعرها بمعدل أعلى من المتوسط العام للسوق.
- أسهم القيمة: الأسهم التي تتداول عند مستويات رخيصة نسبيًا مقارنةً بالقيمة العادلة للسهم، والتي تتحدد وفق عوامل موضوعية مثل حجم المبيعات والأرباح.
- أسهم التوزيعات: هي أسهم الشركات التي تُوزع بانتظام جزءً من أرباحها على المساهمين. تحظى هذه النوعية من الأسهم بجاذبية خاصة لدى المستثمرين الذين يهتمون بعامل السيولة. برغم ذلك، فإن عدم توزيع الشركة للأرباح ليس بالضرورة أمرًا سلبيًا، حيث تنعكس قيمة الأرباح غير الموزعة في سعر السهم.
كيف يتم تداول الأسهم بشكل فعلي؟
يجري تداول الأسهم في أسواق خاضعة للرقابة والتنظيم الحكومي يطلق عليها “بورصات الأسهم“. بعبارة أخرى، فإن بورصة الأسهم هي مكان لتجميع المشترين والبائعين تحت سقف واحد بهدف تسهيل المعاملات بين الطرفين. يستطيع المتداول شراء وبيع الأسهم من خلال فتح حساب لدى إحدى شركات الوساطة التي تتولى تنفيذ أوامر التداول نيابةً عنه، والحصول في مقابل ذلك على عمولة أو رسوم محددة. حتى بداية القرن الحالي كان تداول الأسهم يقتصر على صالات التداول التقليدية في الموقع الفعلي للبورصة المعنية. وفي أحسن الأحوال كان المتداول يضع أوامر الشراء والبيع عن طريق الاتصال تليفونيُا بشركة الوساطة وإبلاغ المندوب بشروط الصفقة مثل الكمية والسعر ووقت التنفيذ، إلخ.
ولكن في ظل ثورة الاتصالات والطفرة التكنولوجية التي حدثت خلال العقدين الماضيين، باتت أغلب التداولات تتم بطريقة إلكترونية عبر منصات الإنترنت التي توفرها شركات الوساطة.
فيما يلي قائمة بأكبر بورصات الأسهم العالمية (حسب القيمة السوقية)
- بورصة نيويورك (NYSE)، الولايات المتحدة – 24.3 تريليون دولار
- ناسداك، الولايات المتحدة – 20.13 تريليون دولار
- بورصة شنغهاي (SSE)، الصين – 6.93 تريليون دولار
- يورونكست، أوروبا – 6.42 تريليون دولار
- بورصة اليابان – 5.63 تريليون دولار
- بورصة شنتشن (SZSE)، الصين – 4.67 تريليون دولار
- بورصة هونج كونج – 4.19 تريليون دولار
- البورصة الوطنية (NSE)، الهند – 3.26 تريليون دولار
- بورصة لندن – 3.10 تريليون دولار
- سوق الأسهم السعودية – 2.83 تريليون دولار
ما الذي يحرك أسعار الأسهم؟
هناك العديد من العوامل التي تؤثر على سعر السهم خلال جلسة التداول. يشمل ذلك العوامل المرتبطة بالشركة ذاتها مثل حجم الإيرادات والأرباح، بالإضافة إلى عوامل خارجية مثل ظروف الاقتصاد الكلي والعوامل السياسية والتنظيمية.
أشكال تداول الأسهم
ينصرف ذهن القارئ عادةً عند الحديث عن تداول الأسهم إلى الشكل التقليدي المتعارف عليه. برغم ذلك، هناك أشكال متنوعة لتداول الأسهم بخلاف تلك الطريقة، والتي تشمل من بينها تداول المشتقات مثل عقود الفروقات والخيارات والعقود الآجلة. يوفر بعض الوسطاء أيضًا ما يطلق عليه “التداول الكسري”، والذي يسمح بشراء أجزاء من سعر السهم بدلاً من شراء سهم بأكمله. تعتبر هذه الطريقة مفيدة للمتداولين الأفراد عند الرغبة في الاستثمار في أسهم بعض الشركات الكبرى التي ربما يتجاوز سعر السهم الواحد منها عدة آلاف في الدولارات.
عقود الفروقات على الأسهم
التداول بالهامش: يعني هذا المفهوم استخدام ما يطلق عليه “الرافعة المالية” والتي تسمح بفتح صفقة تتجاوز قيمتها أضعاف رأس المال الفعلي المتوفر في حسابك. على سبيل المثال، إذا كان رأسمالك يسمح بشراء 100 سهم حقيقي، فإن رافعة بحدود 1:20 ستسمح لك بشراء 2000 سهم بنفس المبلغ، وهو ما يضاعف قوتك الشرائية من خلال الحصول على قرض من وسيطك لتغطية تكلفة شراء الكمية الإضافية. إذا صدقت توقعاتك وارتفع سعر السهم الذي اشتريته بمقدار 1$، فأنت في الحالة الأولى ستربح 100$، وفي الحالة الثانية، أي عند استخدام الرافعة المالية، ستبلغ أرباحك 2,000$. برغم ذلك، ينبغي الانتباه إلى أن الرافعة المالية سلاح ذو حدين، حيث يمكن أن تضاعف خسائرك بنفس القدر.
خاتمة
يعتبر تداول الأسهم واحد من أقدم أنواع الاستثمار في العصر الحديث، حيث تعود نشأة أولى بورصات الأسهم إلى القرن الخامس عشر. وكما هو الحال مع أنواع الاستثمارات الأخرى، يتطلب النجاح في هذا العالم المثير اكتساب المعرفة والخبرة الكافية، ثم التحلي بسمات الانضباط الذاتي، وإعداد خطة تداول واضحة مع الالتزام بها في جميع الأوقات. من المهم أيضًا اختيار شركة وساطة نزيهة واحترافية، وفي نفس الوقت تلبي احتياجاتك الخاصة مثل توفير الأسهم التي ترغب في تداولها، إتاحة خيارات مناسبة لإيداع وسحب الأموال، تقديم فروق أسعار مناسبة، ورافعة مالية متوازنة، وغيرها من الاشتراطات الملائمة.